الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر غزوة غطفان بناحية نجد

قال ابن إسحاق: وهي غزوة ذي أمر، واستعمل على المدينة عثمان بن عفان فيما قال ابن هشام. قال ابن إسحاق: فأقام بنجد صفرا كله وقريبا من ذلك، ثم رجع إلى المدينة ولم يلق كيدا.

وقال ابن سعد: ذو أمر بناحية النخيل، وكانت في شهر ربيع الأول على رأس خمسة وعشرين شهرا من مهاجره، وذلك أنه بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن جمعا من ثعلبة ومحارب بذي أمر، قد تجمعوا يريدون أن يصيبوا من أطراف رسول الله صلى الله عليه وسلم، جمعهم رجل منهم يقال له: دعثور بن الحارث من بني محارب، فندب رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين، وخرج لاثنتي عشرة ليلة مضت من شهر ربيع الأول في أربعمائة وخمسين رجلا، ومعهم أفراس، واستخلف على المدينة عثمان، فأصابوا رجلا منهم بذي القصة، يقال له: جبار من بني ثعلبة، فأدخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره من خبرهم، وقال: لن يلاقوك، لو سمعوا بمسيرك لهربوا في رؤوس الجبال، وأنا سائر معك، فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام فأسلم، وضمه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بلال، ولم يلاق رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدا، إلا أنه ينظر إليهم في رؤوس الجبال، وأصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه مطر، فنزع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثوبيه ونشرهما ليجفا، وألقاهما على شجرة، واضطجع، فجاء رجل من العدو يقال له: دعثور بن الحارث، ومعه سيف، حتى قام على رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال: من يمنعك مني اليوم؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الله" . ودفع جبريل في صدره، فوقع السيف من يده، فأخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال له: "من يمنعك مني"؟ قال: لا أحد، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله. ثم أتى قومه، فجعل يدعوهم إلى الإسلام، ونزلت هذه الآية: ( يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمت الله عليكم إذ هم قوم ) الآية، ثم أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يلق كيدا، وكانت غيبته إحدى عشرة ليلة .

[ ص: 455 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية