الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الفصل الخامس عشر ذكر أخذ القرآن ورؤية النبي صلى الله عليه وسلم بالقلوب حتى دخل كثير من العقلاء في الإسلام في أول الملاقاة إن الله عز وجل ، جلت عظمته ، أيد محمدا صلى الله عليه وسلم بما لم يؤيد به أحدا من العالمين ، وخصه من خصائصه بما يفوق حد كرامات الأنبياء ، ومراتب الأولياء ، فكانت علامات النبوة على حسب منزلته ، ومحله عند الله ، فليس من آية ولا علامة أبدع ولا أروع من آيات محمد صلى الله عليه وسلم ، وهو القرآن المبين ، والذكر الحكيم ، والكتاب العزيز لم يجعل له عوجا قيما ، أنزله عليه في أوان وزمان فيه الخلق الكثير ، والجم الغفير ، أولو الأحلام والنهى ، والأفهام والألسن الحداد ، والقرائح الجياد ، والعقول السداد ، أولو الحنك والتجاريب ، والدهاء والمكر ، فلما سمعوا القرآن قدروا أن في وسعهم معارضته فقالوا : لو نشاء لقلنا مثل هذا إن هذا إلا أساطير الأولين .

فتحداهم صلى الله عليه وسلم بالقرآن يقرع به أسماعهم مع ما لهم من الفصاحة واللسان ، والبلاغة والبيان ، أن يأتوا بسورة يخترعونها بأهون سعي وأدنى [ ص: 230 ] كلفة وأنى لهم ذلك والله يقول : قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا مع دعائه صلى الله عليه وسلم إياهم أن يأتوا بسورة من مثله ، فلم يقدروا لأن كلام الله المنزل عليه هو كما أخبر الله عز وجل عنه : إنه لقول فصل وما هو بالهزل وقال : بل هو قرآن مجيد في لوح محفوظ .

التالي السابق


الخدمات العلمية