الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      القول في تأويل قوله تعالى :

                                                                                                                                                                                                                                      [22-23] وأرسلنا الرياح لواقح فأنـزلنا من السماء ماء فأسقيناكموه وما أنتم له بخازنين وإنا لنحن نحيي ونميت ونحن الوارثون .

                                                                                                                                                                                                                                      وأرسلنا الرياح لواقح أي : تلقح السحاب ، أي : تجعلها حوامل بالماء ، وذلك أن السحاب بخار يصير ، بإصابته الهواء البارد حوامل للماء . قاله المهايمي. فاللواقح عليه جمع (ملقح) بحذف الزوائد . أو تلقح الشجر بجري مائها فيه ، أو تنميته ليثمر ويزهو . وجوز كون اللواقح جمع ( لاقح ) وهي الناقة الحامل . فشبهت الريح التي تجيء بالمزن الممطرة بها ، كما يشبه ما لا تكون كذلك بـ ( العقيم) فقيل : ريح عقيم فأنـزلنا من السماء ماء فأسقيناكموه وما أنتم له بخازنين أي : بقادرين على إيجاده وإنزاله . و (الخزن) اتخاذ الخزائن يستعار للقدرة ، كما مر ، أو بحافظين له في أمكنة ينابيعه ، من سهول وجبال وعيون وآبار ، بل هو تعالى وحده الذي حفظه وسلكه ينابيع في الأرض وجعله عذبا ورحم بسقياه .

                                                                                                                                                                                                                                      وإنا لنحن نحيي ونميت ونحن الوارثون أي : الباقون بعد هلاك الخلق كله . وقيل للباقي: وارث، استعارة من (وارث الميت ) لأنه يبقى بعد فنائه . ومنه قوله صلوات الله عليه في دعائه : « واجعله الوارث منا » . كذا في (" الكشاف ") .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 3754 ]

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية