الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله تعالى : ولما بلغ أشده آتيناه حكما وعلما وكذلك نجزي المحسنين قوله تعالى : ولما بلغ أشده أشده عند سيبويه جمع ، واحده شدة . وقال الكسائي : واحده شد ; كما قال الشاعر :


عهدي به شد النهار كأنما خضب اللبان ورأسه بالعظلم



وزعم أبو عبيد أنه لا واحد له من لفظه عند العرب ; ومعناه استكمال القوة ثم يكون النقصان بعد . وقال مجاهد وقتادة : الأشد ثلاث وثلاثون سنة . وقال ربيعة وزيد بن أسلم ومالك بن أنس : الأشد بلوغ الحلم ; وقد مضى ما للعلماء في هذا في [ النساء ] و [ الأنعام ] مستوفى .

آتيناه حكما وعلما قيل : جعلناه المستولي على الحكم ، فكان يحكم في سلطان الملك ; أي وآتيناه علما بالحكم . وقال مجاهد : العقل والفهم والنبوة . وقيل : الحكم النبوة ، والعلم علم الدين ; وقيل : علم الرؤيا ; ومن قال : أوتي النبوة صبيا قال : لما بلغ أشده زدناه فهما وعلما .

وكذلك نجزي المحسنين يعني المؤمنين . وقيل : الصابرين على النوائب كما صبر يوسف ; قاله الضحاك . وقال الطبري : هذا وإن كان مخرجه ظاهرا على كل محسن فالمراد به محمد - صلى الله عليه وسلم - ; يقول الله تعالى : كما فعلت هذا بيوسف بعد أن قاسى ما قاسى [ ص: 143 ] ثم أعطيته ما أعطيته ، كذلك أنجيك من مشركي قومك الذين يقصدونك بالعداوة ، وأمكن لك في الأرض .

التالي السابق


الخدمات العلمية