الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              صفحة جزء
              548 - أحمد بن مسروق

              قال الشيخ : ومنهم المستأنس بالحق المستوحش من الخلق أبو العباس الطوسي أحمد بن محمد بن مسروق من ساكني بغداد صحب الحارث بن أسد المحاسبي ومحمد بن منصور الطوسي ، والسري بن المغلس السقطي ، ومحمد بن الحسين البرجلاني .

              سمعت محمد بن الحسين بن موسى يقول : سمعت عبد الله بن محمد الرازي يقول : سمعت أبا العباس بن مسروق يقول : من ترك التدبير عاش في راحة .

              [ ص: 214 ] سمعت محمد بن الحسين يقول : سمعت أبا سعيد بن عطاء يقول : إن الجنيد بن محمد رأى فيما يرى النائم قوما من الأبدال فسأل هل ببغداد أحد من الأولياء ؟ فقالوا : نعم أبو العباس بن مسروق من أهل الأنس بالله تعالى .

              أخبرنا جعفر بن محمد الخلدي في - كتابه - وحدثني عنه الحسين بن يحيى الفقيه أبو علي قال : سئل ابن مسروق عن التوكل ، فقال : اشتغالك عما لك بما عليك وخروجك مما عليك لمن ذاك له وإليه . قال : وسئل عن التصوف ، فقال : خلو الأسرار مما منه بد وتعلقها بما ليس منه بد .

              أخبرني جعفر بن محمد ، وحدثني محمد بن الحسين قال : سمعت أبا بكر الرازي يقول : سمعت جعفرا يقول : سألت أبا العباس بن مسروق مسألة في العقل فقال لي : يا أبا أحمد من لم يحترز بعقله من عقله لعقله هلك بعقله .

              أخبرني جعفر - في كتابه - وحدثني عنه محمد بن إبراهيم قال : قال أبو العباس بن مسروق : مررت مع الجنيد بن محمد في بعض دروب بغداد ، وإذا مغن يغني :

              منازل كنت تهواها وتألفها أيام كنت على الأيام منصورا

              فبكى الجنيد بكاء شديدا ، ثم قال : يا أبا العباس ، ما أطيب منازل الألفة والأنس وأوحش مقامات المخالفات ، لا أزال أحن إلى بدء إرادتي وجدة سعيي وركوبي للأهوال طمعا في الوصول وها أنا في أيام الفترة أتلهف على أوقاتي الماضية ، فقال أبو العباس : من يكن سروره بغير الحق فسروره يورث الهموم ومن لم يكن أنسه في خدمة ربه فهو من أنسه في وحشة .

              أخبرني جعفر ، وحدثني عنه ، محمد بن الحسين قال : سمعت أبا بكر الرازي يقول : قال أبو العباس بن مسروق : شجرة المعرفة تسقى بماء الفكرة وشجرة الغفلة تسقى بماء الجهل ، وشجرة التوبة تسقى بماء الندامة ، وشجرة المحبة تسقى بماء الإنفاق والموافقة والإيثار ، ومتى طمعت في المعرفة ولم تحكم قبلها مدارج الإرادة فأنت في جهل ، ومتى ما طلبت الإرادة قبل تصحيح مقام التوبة فأنت في غفلة مما تطلبه . [ ص: 215 ] قال الشيخ رضي الله تعالى عنه : أسند الكثير ولقينا جماعة من الرواة عنه .

              حدثنا أبو إسحاق بن حمزة ، ثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن مسروق الصوفي ، ثنا عبد الأعلى ، ثنا حماد بن سلمة ، عن عطاء الخراساني ، عن سعيد بن المسيب ، وأيوب عن ابن سيرين ، عن عمران بن حصين ، وقتادة ، وحميد ، عن الحسين ، عن عمر أن رجلا أعتق ستة مملوكين عند موته ليس له مال غيرهم ، فأقرع رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهم ، فأعتق اثنين ورد أربعة في الرق .

              حدثنا أبو مخلد بن جعفر ، ثنا أحمد بن محمد بن مسروق ، ثنا محمد بن بكار ، ثنا حفص بن سليمان ، عن علقمة بن مرثد ، عن أبي عبد الرحمن السلمي ، عن عثمان بن عفان ، سمعته على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من كانت له سريرة صالحة أو سيئة ألبسه الله عز وجل منها رداء يعرف به " .

              حدثنا مخلد بن جعفر ، ثنا أحمد بن محمد بن مسروق ، ثنا محمد بن بكار ، ثنا قيس بن الربيع ، عن الأعمش ، عن شقيق ، عن عبد الله بن مسعود ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " سباب المسلم فسوق ، وقتاله كفر " .

              حدثنا حبيب بن الحسن ، ثنا أحمد بن محمد بن مسروق ، ثنا محمد بن حسان السمتي ، ثنا عبد الله أبو عثمان الحمصي ، عن الأوزاعي ، عن عبدة بن أبي لبابة ، عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن لله عز وجل عبادا خصهم بالنعم لمنافع العباد يقرها فيهم ما بذلوها ، فإذا منعوها حولها منهم وجعلها في غيرهم " .

              حدثنا حبيب بن الحسن ، ثنا أحمد بن محمد بن مسروق ، ثنا شيبان بن فروخ ، ثنا محمد بن زياد ، عن ميمون بن مهران ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن أشد الناس عذابا يوم القيامة من شتم الأنبياء ، ثم أصحابي ثم المسلمين " .

              حدثنا حبيب بن الحسن ، ثنا محمد بن أحمد بن مسروق ، ثنا يعقوب بن إسحاق ، ثنا أحمد بن عبيد الله العزاني ، ثنا محمد بن السماك ، عن عائد ، عن عطاء ، عن [ ص: 216 ] عائشة رضي الله تعالى عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يقال للعاق : اعمل ما شئت من الطاعة فإني لا أغفر لك ، ويقال للبار : اعمل ما شئت فإني أغفر لك " .

              حدثنا حبيب بن الحسن ، ثنا أبو العباس بن مسروق ، ثنا خالد بن عبد الصمد ، ثنا عبد الملك بن قريب الأصمعي قال : حدثني القاسم بن سلام ، مولى الرشيد أمير المؤمنين ، وكان من أهل الدين والأدب عن الرشيد ، عن المهدي ، عن أبيه ، عن محمد بن علي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قال : بلغ النبي صلى الله عليه وسلم عن الزبير إمساك " فأخذ بعمامته فجذبها إليه وقال : يا ابن العوام أنا رسول الله إليك وإلى الخاص والعام ، يقول الله عز وجل : أنفق أنفق عليك ولا ترد فيشتد عليك الطلب ، إن في هذه السماء بابا مفتوحا ينزل منه رزق كل امرئ بقدر نفقته أو صدقته ونيته ، فمن قلل قلل عليه ومن كثر كثر عليه " . فكان الزبير بعد ذلك يعطي يمينا وشمالا .

              التالي السابق


              الخدمات العلمية