الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ حقن ]

                                                          حقن : حقن الشيء يحقنه ويحقنه حقنا ، فهو محقون وحقين : حبسه . وفي المثل : أبى الحقين العذرة أي العذر ، يضرب مثلا للرجل يعتذر ولا عذر له ، وقال أبو عبيد : أصل ذلك أن رجلا ضاف قوما فاستسقاهم لبنا ، وعندهم لبن قد حقنوه في وطب ، فاعتلوا عليه واعتذروا ، فقال أبى الحقين العذرة أي أن هذا الحقين يكذبكم ; وأنشد ابن بري في الحقين للمخبل :


                                                          وفي إبل ستين حسب ظعينة يروح عليها مخضها وحقينها



                                                          وحقن اللبن في القربة والماء في السقاء كذلك . وحقن البول يحقنه ويحقنه : حبسه حقنا ، ولا يقال أحقنه ولا حقنني هو . وأحقن الرجل إذا جمع أنواع اللبن حتى يطيب . وأحقن بوله إذا حبسه . وبعير محقان : يحقن البول ، فإذا بال أكثر ، وقد عم به الجوهري فقال : والمحقان الذي يحقن بوله ، فإذا بال أكثر منه . واحتقن المريض : احتبس بوله . وفي الحديث : ( لا رأي لحاقب ولا حاقن ) فالحاقن في البول ، والحاقب في الغائط ، والحاقن الذي له بول شديد . وفي الحديث : ( لا يصلين أحدكم وهو حاقن ) وفي رواية : وهو حقن ، حتى يتخفف ، الحاقن والحقن سواء . والحقنة : دواء يحقن به المريض المحتقن ، واحتقن المريض بالحقنة ; ومنه الحديث : أنه كره الحقنة ; هي أن يعطى المريض الدواء من أسفله وهي معروفة عند الأطباء . والحاقنة : المعدة صفة غالبة ؛ لأنها تحقن الطعام . قال المفضل : كلما ملأت شيئا أو دسسته فيه فقد حقنته ; ومنه سميت الحقنة . والحاقنة : ما بين الترقوة والعنق ، وقيل : الحاقنتان ما بين الترقوتين وحبلي العاتق ، وفي التهذيب : نقرتا الترقوتين ، والجمع الحواقن ، وفي الصحاح : الحاقنة النقرة التي بين الترقوة وحبل العاتق ، وهما حاقنتان . وفي المثل : لألزقن حواقنك بذواقنك ; حواقنه : ما حقن الطعام من بطنه ، وذواقنه : أسفل بطنه وركبتاه . وقال بعضهم : الحواقن ما سفل من البطن ، والذواقن ما علا . قال ابن بري : ويقال الحاقنتان الهزمتان تحت الترقوتين ، وقال الأزهري في هذا المثل : لألحقن حواقنك بذواقنك ، وروي عن ابن الأعرابي الحاقنة المعدة ، والذاقنة الذقن ، وقيل : الذاقنة طرف الحلقوم . وفي حديث عائشة رضي الله عنها : توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بين سحري ونحري وبين حاقنتي وذاقنتي وبين شجري ، وهو ما بين اللحيين . الأزهري : الحاقنة الوهدة المنخفضة بين الترقوتين من الحلق . ابن الأعرابي : الحقلة والحقنة وجع يكون في البطن ، والجمع أحقال وأحقان . وحقن دم الرجل : حل به القتل فأنقذه . واحتقن الدم : اجتمع في الجوف . قال المفضل : وحقن الله دمه حبسه في جلده وملأه به ; وأنشد في نعت إبل امتلأت أجوافها :


                                                          جردا تحقنت النجيل كأنما     بجلودهن مدارج الأنبار



                                                          قال الليث : إذا اجتمع الدم في الجوف من طعنة جائفة تقول احتقن الدم في جوفه ; ومنه الحديث : فحقن له دمه . يقال : حقنت له دمه إذا منعت من قتله وإراقته أي جمعته له وحبسته عليه . وحقنت دمه : منعت أن يسفك . ابن شميل : المحتقن من الضروع الواسع الفسيح ، وهو أحسنها قدرا ، كأنما هو قلت مجتمع متصعد حسن ، وإنها لمحتقنة الضرع . ابن سيده : وحقن اللبن في السقاء يحقنه حقنا صبه فيه ليخرج زبدته . والحقين : اللبن الذي قد حقن في السقاء ، حقنته أحقنه ، بالضم : جمعته في السقاء وصببت حليبه على رائبه ، واسم هذا اللبن الحقين . والمحقن : الذي يجعل في فم السقاء والزق ، ثم يصب فيه الشراب أو الماء . قال الأزهري : المحقن القمع الذي يحقن [ ص: 183 ] به اللبن في السقاء ، ويجوز أن يقال للسقاء نفسه محقن ، كما يقال له مصرب ومجزم ، قال : وكل ذلك محفوظ عن العرب . واحتقنت الروضة : أشرفت جوانبها على سرارها ; عن أبي حنيفة .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية