الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
سرية زيد بن حارثة إلى القردة "اسم ماء"

قال ابن إسحاق: وكان من حديثها أن قريشا خافوا من طريقهم التي يسلكون إلى الشام حين كان من وقعة بدر ما كان، فسلكوا طريق العراق، فخرج منهم تجار فيهم أبو سفيان بن حرب، ومعهم فضة كثيرة، وهي عظم تجارتهم، واستأجروا رجلا يقال له: فرات بن حيان، يدلهم في ذلك الطريق، وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة، فلقيهم على ذلك الماء، فأصاب تلك العير وما فيها، وأعجزه الرجال، فقدم بها على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال حسان بن ثابت بعد أحد في غزوة بدر الآخرة يؤنب قريشا في أخذها تلك الطريق: [ ص: 456 ]


دعوا فلجات الشام قد حال دونها جلاد كأفواه المخاض الأوارك     بأيدي رجال هاجروا نحو ربهم
وأنصاره حقا وأيدي الملائك     إذا سلكت للغور من بطن عالج
فقولا لها ليس الطريق هنالك



وقال ابن سعد: كانت لهلال جمادى الآخرة، على رأس ثمانية وعشرين شهرا من مهاجره ، وهي أول سرية خرج فيها زيد أميرا. والقردة من أرض نجد بين الربذة والغمرة ناحية ذات عرق. بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم يعترض العير لقريش، فيها صفوان بن أمية ، وحويطب بن عبد العزى ، وعبد الله بن أبي ربيعة، ومعه مال كثير وآنية فضة وزن ثلاثين ألف درهم. وكان دليلهم فرات بن حيان، فخرج بهم على ذات عرق، طريق العراق، وبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرهم، فوجه زيد بن حارثة في مائة راكب، فاعترض لها، فأصابوا العير، وأفلت أعيان القوم، وقدموا بالعير على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخمسها، فبلغ الخمس قيمة عشرين ألف درهم، وقسم ما بقي على أهل السرية. وأسر فرات بن حيان، فأتي به النبي صلى الله عليه وسلم، فقيل له: إن تسلم تترك. فأسلم، فتركه رسول الله صلى الله عليه وسلم من القتل .

وحسن إسلام فرات بعد ذلك. وفيه قال عليه الصلاة والسلام: "إن منكم رجالا نكلهم إلى إسلامهم منهم فرات" .

والفردة: بالفاء المفتوحة وسكون الراء، وضبطها بعضهم بفتح القاف والراء، والله أعلم بالصواب.

آخر الجزء الأول من تجزئة اثنين من السيرة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام، ولله الحمد والمنة.

يتلوه الثاني بغزوة أحد.

التالي السابق


الخدمات العلمية