الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 365 ] ثم دخلت سنة ثلاث وثمانين وثلاثمائة

فمن الحوادث فيها:

أن القادر بالله تقدم بعمارة مسجد الحربية وكسوته وإجرائه مجرى الجوامع في الصلاة .

أخبرنا أبو منصور عبد الرحمن بن محمد القزاز ، أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي الخطيب قال: ذكر لي هلال بن المحسن أن أبا بكر محمد بن الحسن بن عبد العزيز الهاشمي كان بنى مسجدا بالحربية في أيام المطيع لله ليكون جامعا يخطب فيها ، فمنع المطيع من ذلك ومكث المسجد على تلك الحالة حتى استخلف القادر بالله ، فاستفتى الفقهاء في أمره فأجمعوا على جواز الصلاة فيه ، فرسم أن يعمر ويكسى وينصب فيه منبر ، ورتب إماما يصلي فيه الجمعة ، وذلك في شهر ربيع الآخر في سنة ثلاث وثمانين وثلاثمائة .

قال أبو بكر الخطيب : فأدركت صلاة الجمعة وهي تقام ببغداد في مسجد المدينة والرصافة ، ومسجد دار الخلافة ، ومسجد براثا ومسجد قطيعة أم جعفر ومسجد الحربية ، ولم يزل على هذا إلى سنة إحدى وخمسين وأربعمائة ، ثم تعطلت في مسجد براثا فلم يصل فيه .

وفي يوم الأربعاء لأربع بقين من جمادى الأولى وقع الفراغ من الجسر الذي عمله [ ص: 366 ] بهاء الدولة في مشرعة القطانين بحضرة دار مؤنس ، واجتاز عليه من الغد ماشيا وقد زين بالمطارد .

[ شغب الديلم لأجل فساد النقد ]

وفي يوم الجمعة الثاني عشر من جمادى الآخرة شغب الديلم شغبا شديدا لأجل فساد النقد وغلاء السعر وتأخر العطاء ، ومنعوا من الصلاة بجامع الرصافة ، فلما كان بكرة السبت قصدوا دار أبي نصر سابور بباب خراسان ، وهجموا ، فنهبوا ، وأفلت من بين أيديهم هاربا على السطوح ، وثارت بذلك فتنة دخل فيها العامة ، ورجع الديلم فراسلوا بهاء الدولة بالتماس أبي نصر سابور وأبي الفرج محمد بن علي الخازن ، وكان ناظرا في خزانة المال ودار الضرب ، وتردد القول معهم إلى أن وعدوا بالإطلاق وتغيير النقد .

[ عقد للخليفة القادر بالله على سكينة بنت بهاء الدولة ]

وفي يوم الخميس الثاني من ذي الحجة: عقد للخليفة القادر بالله على سكينة بنت بهاء الدولة بصداق مبلغه مائة ألف دينار ، وكان الأملاك بحضرته ، والولي الشريف أبو أحمد الحسين بن موسى الموسوي ، وتوفيت قبل النقلة .

وفي هذا الشهر بلغ الكر الحنطة ستة آلاف درهم وستمائة درهم غياثية ، والكارة الدقيق مائتين وستين درهما .

وفي هذه السنة ابتاع أبو نصر سابور بن أردشير دارا في الكرخ بين السورين ، وعمرها وبيضها وسماها: دار العلم ، ووقفها على أهله ، ونقل إليها كتبا كثيرة ابتاعها وجمعها وعمل لها فهرستا ، ورد النظر في أمورها ومراعاتها [ والاحتياط عليها ] إلى الشريفين أبي الحسين محمد بن الحسين بن أبي شيبة ، وأبي عبد الله بن محمد بن أحمد الحسني ، والقاضي أبي عبد الله الحسين بن هارون الضبي ، وكلف الشيخ أبا بكر محمد بن موسى الخوارزمي فضل عناية بها .

التالي السابق


الخدمات العلمية