الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                              المسألة الرابعة : قال علماؤنا في قوله : { أن تصيبهم فتنة }

                                                                                                                                                                                                              فيه ثلاثة أقوال : الأول : الكفر .

                                                                                                                                                                                                              الثاني : العقوبة . [ ص: 432 ]

                                                                                                                                                                                                              الثالث : بلية يظهر بها ما في قلوبهم من النفاق .

                                                                                                                                                                                                              وهذه الأقوال صحيحة كلها ، ولكن متعلقاتها مختلفة ، فهنالك مخالفة توجب الكفر ، وذلك فيما يتعلق بالعقائد ، وهنالك مخالفة هي معصية ، وذلك فيما يتعلق بأعمال الجوارح ، حسبما بيناه في كتب أصول الدين والرد على المخالفين من المبتدعة والملحدين ، ورتبنا منازل ذلك كله ، ومساقه ومتعلقه بدليله .

                                                                                                                                                                                                              وقد أخبرنا أبو الحسن المبارك بن عبد الجبار بن أحمد بن القاسم الأزدي ، أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد العتيقي ، أنبأنا أبو عمر محمد بن العباس بن حيوة ، حدثنا جرهمي بن أبي العلاء قال : سمعت الزبير بن بكار يقول : سمعت سفيان بن عيينة يقول : سمعت مالك بن أنس ، وأتاه رجل ، فقال : يا أبا عبد الله ، من أين أحرم ؟ قال : من ذي الحليفة من حيث أحرم رسول الله صلى الله عليه وسلم . فقال : إني أريد أن أحرم من المسجد . فقال : لا تفعل . قال : إني أريد أن أحرم من المسجد من عند القبر . قال : لا تفعل ، فإني أخشى عليك الفتنة . قال : وأي فتنة في هذا ؟ إنما هي أميال أزيدها . قال : وأي فتنة أعظم من أن ترى أنك سبقت إلى فضيلة قصر عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إني سمعت الله يقول : { فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم } وثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { افترقت اليهود والنصارى على إحدى وسبعين فرقة ، وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة ، كلها في النار ، إلا واحدة . قيل : من هم يا رسول الله ؟ قال : ما أنا عليه وأصحابي } .

                                                                                                                                                                                                              والله الموفق للعصمة بالطاعة والمتابعة في الألفة ، فإن يد الله مع الجماعة ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم .

                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية