الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          فصل في الرد وإذا لم تستوعب الفروض المال ، ولم يكن عصبة ، رد على ذوي الفروض بقدر فروضهم ، إلا الزوج والزوجة ، فإن كان المردود عليه واحدا ، أخذ المال كله ، وإن كان فريقا من جنس واحد كبنات أو أخوات ، اقتسموه كالعصبة ، فإن اختلفت أجناسهم ، فخذ عدد سهامهم من أصل ستة واجعله أصل مسألتهم ، فإن كانا سدسين كجدة وأخ من أم ، فهي من اثنين ، وإن كان مكان الجدة أم ، فهي من ثلاثة ، وإن كان مكانها أخت لأبوين ، فهي من أربعة ، وإن كان معها أخت لأب ، فهي من خمسة ، ولا تزيد على هذا أبدا ; لأنها لو زادت سدسا آخر ، لكمل المال ، فإن انكسر على فريق منهم ، ضربته في عدد سهامهم ; لأنه أصل مسألتهم ، فإن كان معهم أحد الزوجين فأعطه فرضه من أصل مسألته ، واقسم الباقي على مسألة الرد ، وهو ينقسم إذا كانت زوجة ، ومسألة الرد من ثلاثة ، فللزوجة الربع ، والباقي لهم ، وتصير المسألة من أربعة وفي غير هذا تضرب مسألة الرد في مسألة الزوج ، فما بلغ ، فإليه تنتقل المسألة ، فإذا كان زوج وجدة ، وأخ من أم ، فمسألة الزوج من اثنين ، ومسألة الرد من اثنين ، تضرب إحداهما في الأخرى ، تكن أربعة ، وإن كان مكان الزوج زوجة ، ضربت مسألة الرد في أربعة ، تكن ثمانية ، وإن كان مكان الجدة أخت لأبوين ، انتقلت إلى ستة عشر ، وإن كان مع الزوجة بنت وبنت ابن ، انتقلت إلى اثنين وثلاثين ، وإن كان معهم جدة صارت من أربعين ، ثم تصح بعد ذلك على ما ذكرنا .

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          فصل

                                                                                                                          في الرد

                                                                                                                          ( وإذا لم يستوعب الفروض المال ) كما إذا خلف بنات وأخوات ( ولم يكن عصبة ، رد الفاضل على ذوي الفروض بقدر فروضهم ) كالغرماء يقتسمون مال المفلس بقدر ديونهم ( إلا الزوج والزوجة ) في قول عمر وعلي وابن مسعود ، وقاله الحسن وابن سيرين وجماعة من التابعين وغيرهم ، قال ابن سراقة : العمل عليه اليوم في الأمصار ، وعن أحمد : لا يرد على ولد الأم مع الأم ، ولا جدة مع ذي سهم ، وروي عن ابن مسعود ، وقال زيد : الفاضل عن ذوي الفروض لبيت [ ص: 160 ] المال ، ولا يعطى أحد فوق فرضه ، وهو رواية عن أحمد ، وفاقا لمالك والشافعي لقوله تعالى فلها نصف ما ترك ومن رد عليها أعطاها الكل ، ولأنها ذات فرض مسمى ، فلا يرد عليها كالزوج ، وجوابه قوله تعالى وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله وقد رجحوا بالقرب إلى الميت ، فكان أولى من بيت المال يؤيده قوله عليه السلام من ترك مالا فلورثته ولحديث ، واثلة تحوز المرأة ثلاثة مواريث وقوله تعالى فلها نصف ما ترك لا ينفي أن يكون لها زيادة عليه بسبب آخر ، والزوجان ليسا من ذوي الأرحام ، فإنه لا يرد عليهما اتفاقا ، إلا أنه روي عن عثمان أنه رد على زوج ، ولعله كان عصبة ، أو ذا رحم ، فأعطاه كذلك ( فإن كان المردود عليه واحدا ) كأم أو جدة أو أخت أو بنت ( أخذ المال كله ) بالفرض والرد إذ لا مزاحم له ( وإن كان فريقا من جنس واحد كبنات أو أخوات اقتسموه ) لأنهم استووا فيه ( كالعصبة ) من البنين والإخوة ، فإن انكسر عليهم ، ضربت عددهم في مسألة الرد ( فإن اختلفت أجناسهم ، فخذ عدد سهامهم من أصل ستة ) أبدا ; لأن الفروض كلها تخرج من ستة إلا الربع والثمن ، فإنهما فرضا الزوجين ، وليسا من أهل الرد ( واجعله أصل مسألتهم ) فينقسم المال عليها ، وينحصر ذلك في أربعة أصول ( فإن كانا سدسين ، كجدة وأخ من أم ، فهي من اثنين ) للجدة السدس ، والأخ من الأم السدس ، أصلها اثنان ، ثم يقسم المال بينهما ، لكل واحد نصف المال ; لأن كلا منهما يدلي بمثل ما يدلي به الآخر ( وإن كان مكان الجدة أم ، فهي من ثلاثة ) للأم الثلث ، وللأخ من الأم السدس ، ثم يقسم المال بينهما على ثلاثة ; للأم سهمان ; لأنها تدلي بمثلي الأخ [ ص: 161 ] وللآخر سهم ( وإن كان مكانها أخت لأبوين ، فهي من أربعة ) للأخت النصف ، وللأخ من الأم السدس ، والمال مقسوم بينهما على أربعة ، تدلي بثلاثة أمثال الأخ ( وإن كان معها أخت لأب ، فهي من خمسة ) للأخت من الأبوين النصف ، وهو ثلاثة أسداس ، وللأخت من الأب السدس ، وللأخ من الأم السدس ، وكذا ثلاث أخوات مفترقات ، وأم وأخت من أبوين وأخت لأم وبنتان وجدة ( ولا تزيد على هذا أبدا ; لأنها لو زادت سدسا آخر لكمل المال ) ولم يبق منه شيء يرد ( فإن انكسر على فريق منهم ، ضربته ) أي : ضربت عدد الفريق المنكسر عليهم ( في عدد سهامهم ) أي : سهام الورثة جميعهم ( لأنه أصل مسألتهم ) كما صارت السهام في العول ، هي المسألة التي يضرب فيها العدد . بيان ذلك في أصل اثنين أربع جدات ، وأخ من أم ، للجدات سهم لا ينقسم عليهن ، فتضرب عددهن في أصل المسألة ، وهو اثنان تكن ثمانية ، للأخ أربعة ، ولكل واحد سهم .

                                                                                                                          أصل : ثلاثة : أم وثلاث أخوات من أم ، للإخوة سهمان لا يصح عليهن ، فاضرب عددهم في أصل المسألة ، وهو ثلاثة تكن تسعة ، ومنها تصح .

                                                                                                                          أصل : أربعة : أخت لأبوين وأربع أخوات لأب ، لهن سهم لا ينقسم عليهن ، فاضرب عددهن في أصل المسألة ، وهو أربعة ، تكن ستة عشر ، ومنها تصح .

                                                                                                                          أصل : خمسة : أم وأخت لأبوين وأربع أخوات لأب ، فاضرب عددهن في أصل المسألة تكن عشرين ، ومنها تصح ( فإن كان معهم أحد الزوجين ، فأعطه [ ص: 162 ] فرضه من أصل مسألته ، واقسم الباقي على مسألة الرد ، وهو ينقسم إذا كانت زوجة ( ومسألة الرد من ثلاثة ) كأم وأخ من أم ، وأم وأخوين من أم ( فللزوجة الربع ، والباقي لهم ) فللأم من الأولى سهمان ، وللأخ سهم ، ومن الثانية للأم سهم ، وللإخوة سهمان ( وتصير المسألة من أربعة ) أي : فتصح المسألتان من أربعة ، فإن انكسر على عدد منهم ، كأربع زوجات وأم وأخ من أم ، ضربت أربعة في مسألة الزوجة ، تكن ستة عشر ، ومنها تصح ، وإن لم ينقسم فاضل الزوج على مسألة الرد ، لم يمكن أن يوافقها ; لأنه إن كانت مسألة الزوج من اثنين ، فالباقي بعد نصيبه سهم لا يوافق شيئا ، وإن كانت من أربعة ، فالباقي بعد فرضه ثلاثة ، ومن ضرورة كون الزوج له الربع أن يكون للميتة ولد ، ولا يمكن أن تكون مسألة الرد مع الولد من ثلاثة ، وإن كان الزوج امرأة ، فالباقي بعد الثمن سبعة ، ولا توافق السبعة عددا أقل منها ، ولا يمكن أن تكون مسألة الرد لا تزيد على خمسة أبدا ، ولهذا قال المؤلف : ( وفي غير هذا تضرب مسألة الرد في مسألة الزوج ، فما بلغ فإليه تنتقل المسألة ) وإذا أردت القسمة فلأحد الزوجين فرضه ، ولكل واحد من أهل الرد سهامه من مسألته مضروب في الفاضل عن فريضة الزوج ، فما بلغ فهو له ، إن كان واحدا ، وإن كانوا جماعة قسمته عليهم ، وإن لم ينقسم ، ضربته أو وفقه فيما انتقلت إليه المسألة ، وتصح على ما نذكره في باب التصحيح ، وينحصر ذلك في خمسة أصول ذكرها المؤلف .

                                                                                                                          ( فإذا كان زوج وجدة وأخ من أم ، فمسألة الزوج من اثنين ) لأن فرضه النصف ، ومخرجه من اثنين ( ومسألة الرد من اثنين ) فسهم على اثنين لا يصح [ ص: 163 ] ولا يوافق ( تضرب إحداهما في الأخرى تكن أربعة ) أو إن كان مكان الزوج زوجة ) بأن كانت زوجة وجدة وأخا لأم ( ضربت مسألة الرد في أربعة تكن ثمانية ) ولا يكون الكسر في هذا الأصل إلا على الجدات ( وإن كان مكان الجدة أخت لأبوين ) بأن كان معها زوجة وأخ من أم ( انتقلت إلى ستة عشر ) فللزوجة الربع واحد ، بقي ثلاثة على مسألة الرد ، وهي أربعة لا تنقسم ، ولا توافق ، فاضرب إحداهما في الأخرى ، تكن ستة عشر ، للزوجة أربعة ، وللأخت من الأبوين تسعة ، وللأخ من الأم ثلاثة .

                                                                                                                          ( وإن كان مع الزوجة بنت وبنت ابن ، انتقلت إلى اثنين وثلاثين ) للزوجة الثمن واحد ، يبقى سبعة على مسألة الرد ، وهي أربعة لا توافق ، فاضرب إحداهما في الأخرى ، تكن اثنين وثلاثين ، للزوجة أربعة ، وللبنت أحد وعشرون ، ولبنت الابن سبعة ( وإن كان معهم جدة ) فإن كانت زوجة وبنتا وبنت ابن وجدة ، فللزوجة الثمن واحد ، بقي سبعة على مسألة الرد ، وهي خمسة ، فاضرب إحداهما في الأخرى ( صارت من أربعين ) للزوجة خمسة ، وللبنت أحد وعشرون ، ولبنت الابن سبعة ، وللجدة سبعة ، فإن كان الوارث مع أحد الزوجين ممن يأخذ الفاضل ، فلا تنتقل المسألة كزوجة وبنت ، للزوجة الثمن ، والباقي للبنت بالفرض والرد ( ثم تصح بعد ذلك على ما ذكرنا ) أي في جميع الصور إذا انكسر سهم فريق منهم عليهم ، ضربته فيما انتقلت إليه المسألة كأربع زوجات ، وإحدى وعشرين بنتا ، وأربع عشرة جدة .

                                                                                                                          [ ص: 164 ] مسألة : الزوجات من ثمانية ، فتضرب فيها فريضة الرد ، وهو خمسة ، تكن أربعين للزوجات خمسة لا تصح عليهن ولا توافق ، يبقى خمسة وثلاثون ، للجدات خمسها سبعة على أربعة عشرة ، توافق بالأسباع ، فيرجعن إلى اثنين ، ويبقى للبنات ثمانية وعشرون توافق بالأسباع ، فيرجعن إلى ثلاثة ، والاثنتان يدخلان في عدد الزوجات ، فتضرب ثلاثة في أربعة ، تكن اثني عشر ، ثم في أربعين تكن أربعمائة وثمانين ، ثم كل من له شيء من أربعين مضروب في اثني عشر الذي هو جزء السهم ، وإن شئت صحح مسألة الرد ، ثم رد عليها كفرض الزوجية النصف مثلا ، وللربع ثلثا ، وللثمن سبعا ، وابسط من مخرج الكسر ليزول .

                                                                                                                          مسألة : أبوان وابنتان من ستة ، ثم ماتت إحدى البنات ، وخلفت من خلفت ، فإن كان الميت ذكرا ، فقد خلفت أختا وجدا ، وجدة من ثمانية عشر ، توافق ما ماتت عنه الأخت بالأنصاف ، فتضرب نصف إحداهما في الأخرى أربعة وخمسين ، ثم من له شيء من الأولى مضروب في وفق الثانية تسعة ، ومن الثانية مضروب في وفق ما ماتت عنه ، وهو سهم ، وإن كان الميت أنثى ، فقد خلفت أختا وجدة ، وجد الأم ساقط ، وتصح من أربعة توافق ما ماتت عنه بالأنصاف ، فتضرب نصف إحداهما في الأخرى ، تكن اثني عشر ، ومنه تصح المسألتان ، وتسمى المأمونية ; لأن المأمون سأل عنها يحيى بن أكثم لما أراد أن يوليه القضاء ، فقال له في الجواب : الميت الأول ذكر أو أنثى ، فعلم أنه عرفها ، فقال له : كم سنك ؛ ففطن يحيى أنه استصغره ، فقال : سن معاذ لما ولاه النبي صلى الله عليه وسلم اليمن ، وسن عتاب بن أسيد لما ولاه مكة ، فاستحسن جوابه ، وولاه القضاء .




                                                                                                                          الخدمات العلمية