الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى ( ولتصغى إليه أفئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة وليرضوه )

قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره : ( وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا ) ( ولتصغى إليه ) ، يقول جل ثناؤه : يوحي بعض هؤلاء الشياطين إلى بعض المزين من القول [ ص: 58 ] بالباطل ، ليغروا به المؤمنين من أتباع الأنبياء فيفتنوهم عن دينهم ( ولتصغى إليه أفئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة ) ، يقول : ولتميل إليه قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة .

وهو من " صغوت تصغى وتصغو " والتنزيل جاء ب " تصغى " " صغوا ، وصغوا " ، وبعض العرب يقول : " صغيت " ، بالياء ، حكي عن بعض بني أسد : " صغيت إلى حديثه ، فأنا أصغى صغيا " بالياء ، وذلك إذا ملت . يقال : " صغوي معك " ، إذا كان هواك معه وميلك ، مثل قولهم : " ضلعي معك " . ويقال : " أصغيت الإناء " إذا أملته ليجتمع ما فيه ، ومنه قول الشاعر :


ترى السفيه به عن كل محكمة زيغ ، وفيه إلى التشبيه إصغاء



ويقال للقمر إذا مال للغيوب : " صغا " و " أصغى " .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

13781 - حدثني المثنى قال : حدثنا عبد الله بن صالح قال : حدثني معاوية ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : ( ولتصغى إليه أفئدة ) ، يقول : تزيغ إليه أفئدة .

13782 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثني حجاج ، عن ابن جريج قال : قال ابن عباس في قوله : ( ولتصغى إليه أفئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة ) ، قال : لتميل .

13783 - حدثني محمد بن الحسين قال : حدثنا أحمد بن المفضل قال : [ ص: 59 ] حدثنا أسباط ، عن السدي : ( ولتصغى إليه أفئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة ) ، يقول : تميل إليه قلوب الكفار ، ويحبونه ، ويرضون به .

13784 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله : ( ولتصغى إليه أفئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة ) ، قال : " ولتصغى " ، وليهووا ذلك وليرضوه . قال : يقول الرجل للمرأة : " صغيت إليها " ، هويتها .

التالي السابق


الخدمات العلمية