الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              2844 [ ص: 598 ] باب بيع المزابنة

                                                                                                                              وقال النووي : (باب تحريم بيع الرطب بالتمر ، إلا في العرايا) .

                                                                                                                              حديث الباب

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم النووي ص 187 ج 10 المطبعة المصرية

                                                                                                                              [عن الوليد بن كثير، حدثني بشير بن يسار "مولى بني حارثة": أن رافع بن خديج، وسهل بن أبي حثمة، حدثاه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، نهى عن المزابنة: الثمر بالتمر، إلا أصحاب العرايا، فإنه قد أذن لهم.].

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              (عن بشير) بضم الباء وفتح الشين ، (بن يسار : " مولى بني حارثة ") بالحاء . كان شيخا كبيرا ، فقيها ، قد أدرك عامة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم . وكان قليل الحديث .

                                                                                                                              (أن رافع بن خديج ، وسهل بن أبي حثمة ، حدثاه : أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، نهى عن المزابنة : الثمر) بالمثلثة وفتح الميم. (بالتمر) بالمثناة الفوقية ، وسكون الميم .

                                                                                                                              والمراد بالأول : ثمر النخلة . وقد صرح بذلك مسلم في رواية ، فقال :

                                                                                                                              [ ص: 599 ] ثمر النخلة . وليس المراد : الثمر من غير النخل . لأنه يجوز بيعه بالتمر ، بالمثناة والسكون . (إلا أصحاب العرايا ، فإنه قد أذن لهم) .

                                                                                                                              فيه : تحريم بيع الرطب بالتمر ، وهو المزابنة . كما فسره في الحديث .

                                                                                                                              مشتقة من : " الزبن"، وهو المخاصمة ، والمدافعة .

                                                                                                                              قال النووي : وقد اتفق العلماء ، على تحريم بيع الرطب بالتمر ، في غير العرايا . وأنه ربا . انتهى .

                                                                                                                              والعرايا : جمع "عرية " . وهي في الأصل : عطية ثمر النخل ، دون الرقبة .

                                                                                                                              قال في "الفتح" : صور العرية كثيرة ، فذكرها . وذكر بعضها النووي [ وقال : أما العرايا ، فهي أن يخرص الخارص نخلات فيقول : هذا الرطب الذي عليها ، إذا يبس تجيء منه ثلاثة أوسق من التمر مثلا . فيبيعه صاحبه لإنسان بثلاثة أوسق تمر . ويتقابضان في المجلس

                                                                                                                              .وهذا جائز فيما دون خمسة أوسق ، ولا يجوز فيما زاد على خمسة أوسق . وفي جوازه في خمسة أوسق قولان للشافعي ;

                                                                                                                              أصحهما : لا يجوز] . وقال : هذا مذهب الشافعي في " العرية " ، وبه قال أحمد وآخرون .

                                                                                                                              وتأولها مالك ، وأبو حنيفة ، على غير هذا . وظواهر الأحاديث :

                                                                                                                              ترد تأويلهما . انتهى .

                                                                                                                              [ ص: 600 ] والحاصل : أن كل صورة من صور العرية " ورد بها حديث صحيح ، أو تثبت عن أهل الشرع

                                                                                                                              ، أو أهل اللغة" : فهي جائزة ، لدخولها تحت مطلق الإذن .

                                                                                                                              والتنصيص في بعض الأحاديث ، على بعض الصور : لا ينافي ما ثبت في غيره . والله أعلم بالصواب .




                                                                                                                              الخدمات العلمية