الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        صفحة جزء
        [ ص: 338 ] وربما أسند الواضع كلاما لنفسه أو لبعض الحكماء ، وربما وقع في شبه الوضع بغير قصد .

        التالي السابق


        ( وربما أسند الواضع كلاما لنفسه ) ، كأكثر الموضوعات ( ، أو لبعض الحكماء ) ، أو الزهاد ، أو الإسرائيليات ، كحديث : " المعدة بيت الداء ، والحمية رأس الدواء " . لا أصل له من كلام النبي - صلى الله عليه وسلم - بل هو من كلام بعض الأطباء ، قيل : إنه لحارث بن كلدة طبيب العرب .

        ومثله العراقي في شرح الألفية بحديث : " حب الدنيا رأس كل خطيئة " . قال : فإنه إما من كلام مالك بن دينار ، كما رواه ابن أبي الدنيا في مكايد الشيطان بإسناده إليه ، أو من كلام عيسى ابن مريم - صلى الله عليه وسلم - كما رواه البيهقي في الزهد ، ولا أصل [ ص: 339 ] له من حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا من مراسيل الحسن البصري ، كما رواه البيهقي في شعب الإيمان ، ومراسيل الحسن عندهم شبه الريح .

        وقال شيخ الإسلام : إسناده إلى الحسن حسن ، ومراسيله أثنى عليها أبو زرعة ، وابن المديني ، فلا دليل على وضعه . انتهى .

        والأمر كما قال .

        ( وربما وقع ) الراوي ( في شبه الوضع ) غلطا منه ( بغير قصد ) ، فليس بموضوع حقيقة ، بل هو بقسم المدرج أولى كما ذكره شيخ الإسلام في " شرح النخبة " ، قال : بأن يسوق الإسناد فيعرض له عارض ، فيقول كلاما من عند نفسه ، فيظن بعض من سمعه أن ذلك متن ذلك الإسناد ، فيرويه عنه كذلك .

        كحديث رواه ابن ماجه ، عن إسماعيل بن محمد الطلحي ، عن ثابت بن موسى الزاهد ، عن شريك ، عن الأعمش ، عن أبي سفيان ، عن جابر ، مرفوعا " من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار " .

        قال الحاكم : دخل ثابت على شريك وهو يملي ، ويقول : حدثنا الأعمش ، عن أبي سفيان ، عن جابر قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسكت ليكتب المستملي ، فلما نظر إلى ثابت ، قال : من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار . وقصد بذلك ثابتا لزهده وورعه ، فظن ثابت أنه متن ذلك الإسناد ; فكان يحدث به .

        [ ص: 340 ] وقال ابن حبان : إنما هو قول شريك ، فإنه قاله عقب حديث الأعمش ، عن أبي سفيان ، عن جابر ، يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم . فأدرجه ثابت في الخبر ، ثم سرقه منه جماعة من الضعفاء ، وحدثوا به ، عن شريك ، كعبد الحميد بن بحر ، وعبد الله بن شبرمة ، وإسحاق بن بشر الكاهلي ، وجماعة آخرين .




        الخدمات العلمية