الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 121 ] ولما كان ربما قال بعض الضلال: إن هذه الأشياء مستندة إلى تأثير الأفلاك؛ نبه على أنها لا تصلح لذلك؛ بكونها متغيرة؛ فلا بد لها من قاهر أثر فيها التغير؛ ولا يزال الأمر كذلك إلى أن ينتهي إلى واحد؛ قديم؛ فاعل بالاختيار؛ لما تقرر من بطلان التسلسل؛ فقال (تعالى): وسخر لكم ؛ أي: أيها الناس؛ لإصلاح أحوالكم؛ الليل ؛ للسكنى؛ والنهار ؛ للابتغاء; ثم ذكر آية النهار؛ فقال (تعالى): والشمس ؛ أي: لمنافع اختصها بها؛ ثم ذكر آية الليل؛ فقال: والقمر ؛ لأمور علقها به؛ والنجوم ؛ أي: لآيات نصبها لها؛ ثم نبه على تغيرها بقوله: مسخرات ؛ أي: بأنواع التغير لما خلقها له؛ على أوضاع دبرها؛ بأمره ؛ سببا لصلاحكم؛ وصلاح ما به قوامكم؛ دلالة على وحدانيته؛ وفعله بالاختيار؛ ولو شاء لأقام أسبابا غيرها؛ أو أغنى عن الأسباب.

                                                                                                                                                                                                                                      ولما كان أمرها - مع كونه محسوسا - ليس فيه من المنافع القريبة الأمر؛ السهلة الملابسة ما يشغل عن الفكر فيه؛ لم يحل أمره إلى غير مطلق العقل؛ إشارة إلى وضوحه؛ وإن كان لا بد فيه من استعمال القوة المفكرة؛ ولأن الآثار العلوية أدل على القدرة الباهرة؛ وأبين شهادة للكبرياء والعظمة؛ فقال: إن في ذلك ؛ أي: التسخير [ ص: 122 ] العظيم؛ لآيات ؛ أي: كثيرة؛ متعددة؛ عظيمة؛ لقوم يعقلون ؛ وجمع الآيات لظهور تعدادها بالتحديث عنها مفصلة.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية