الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين آذوا موسى فبرأه الله مما قالوا وكان عند الله وجيها . يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: لا تكونوا كالذين آذوا موسى أي: لا تؤذوا محمدا كما آذى بنو إسرائيل موسى فينزل بكم ما نزل بهم .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 425 ] وفي ما آذوا به موسى أربعة أقوال .

                                                                                                                                                                                                                                      أحدها: أنهم قالوا: هو آدر، فذهب يوما يغتسل، ووضع ثوبه على حجر، ففر الحجر بثوبه، فخرج في طلبه، فرأوه فقالوا: والله ما به من بأس . والحديث مشهور في الصحاح كلها من حديث أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم; وقد ذكرته بإسناده في " المغني " و " الحدائق " . قال ابن قتيبة : والآدر: عظيم الخصيتين .

                                                                                                                                                                                                                                      والثاني: أن موسى صعد الجبل ومعه هارون، فمات هارون، فقال بنو إسرائيل: أنت قتلته، فآذوه بذلك، فأمر الله تعالى الملائكة فحملته حتى مرت به على بني إسرائيل، وتكلمت الملائكة بموته حتى عرف بنو إسرائيل أنه مات، فبرأه الله من ذلك، قاله علي عليه السلام .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 426 ] والثالث : أن قارون استأجر بغيا لتقذف موسى بنفسها على ملأ من بني إسرائيل فعصمها الله وبرأ موسى من ذلك، قاله أبو العالية .

                                                                                                                                                                                                                                      والرابع : أنهم رموه بالسحر والجنون، حكاه الماوردي .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: وكان عند الله وجيها قال ابن عباس: كان عند الله حظيا لا يسأله شيئا إلا أعطاه . وقد بينا معنى الوجيه في (آل عمران: 45) . وقرأ ابن مسعود ، والأعمش وأبو حيوة: " وكان عبدا لله " بالتنوين والباء، وكسر اللام .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: وقولوا قولا سديدا فيه أربعة أقوال .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 427 ] أحدها: صوابا، قاله ابن عباس . والثاني: صادقا، قاله الحسن . والثالث: عدلا، قاله السدي . والرابع: قصدا، قاله ابن قتيبة .

                                                                                                                                                                                                                                      ثم في المراد بهذا القول ثلاثة أقوال .

                                                                                                                                                                                                                                      أحدها: أنه " لا إله إلا الله " ، قاله ابن عباس، وعكرمة . والثاني: أنه العدل في جميع الأقوال والأعمال، قاله قتادة . والثالث: في شأن زينب وزيد ، ولا تنسبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ما لا يصلح، قاله مقاتل بن حيان .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: يصلح لكم أعمالكم فيه قولان .

                                                                                                                                                                                                                                      أحدهما: يتقبل حسناتكم، قاله ابن عباس . والثاني: يزكي أعمالكم، قاله مقاتل .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: فقد فاز فوزا عظيما أي: نال الخير وظفر به .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية