الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله ( كذلك زين للكافرين ما كانوا يعملون ( 122 ) )

قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره : كما خذلت هذا الكافر - الذي يجادلكم أيها المؤمنون بالله ورسوله ، في أكل ما حرمت عليكم من المطاعم - عن الحق ، فزينت له سوء عمله فرآه حسنا ، ليستحق به ما أعددت له من أليم العقاب ، كذلك زينت لغيره ممن كان على مثل ما هو عليه من الكفر بالله وآياته ، ما كانوا يعملون من معاصي الله ، ليستوجبوا بذلك من فعلهم ، ما لهم عند ربهم من النكال .

قال أبو جعفر : وفي هذا أوضح البيان على تكذيب الله الزاعمين أن الله فوض الأمور إلى خلقه في أعمالهم ، فلا صنع له في أفعالهم ، وأنه قد سوى بين جميعهم في [ ص: 93 ] الأسباب التي بها يصلون إلى الطاعة والمعصية ؛ لأن ذلك لو كان كما قالوا ، لكان قد زين لأنبيائه وأوليائه من الضلالة والكفر ، نظير ما زين من ذلك لأعدائه وأهل الكفر به ، وزين لأهل الكفر به من الإيمان به ، نظير الذي زين منه لأنبيائه وأوليائه . وفي إخباره جل ثناؤه أنه زين لكل عامل منهم عمله ، ما ينبئ عن تزيين الكفر والفسوق والعصيان ، وخص أعداءه وأهل الكفر ، بتزيين الكفر لهم والفسوق والعصيان ، وكره إليهم الإيمان به والطاعة .

التالي السابق


الخدمات العلمية