الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الكاف

الكاف : حرف جر ، له معان :

أشهرها : التشبيه : نحو : وله الجوار المنشآت في البحر كالأعلام [ الرحمن : 24 ] .

والتعليل : نحو : كما أرسلنا فيكم رسولا [ البقرة : 151 ] . قال الأخفش : أي : لأجل إرسالنا فيكم رسولا منكم فاذكروني [ البقرة : 152 ] . واذكروه كما هداكم [ البقرة : 198 ] . أي : لأجل هدايته إياكم . ويكأنه لا يفلح الكافرون [ القصص : 82 ] أي : أعجب لعدم [ ص: 508 ] فلاحهم اجعل لنا إلها كما لهم آلهة [ الأعراف : 138 ] .

والتوكيد : وهي الزائدة ، وحمل عليه الأكثرون : ليس كمثله شيء [ الشورى : 11 ] ولو كانت غير زائدة لزم إثبات المثل ، وهو محال ، والقصد بهذا الكلام نفيه .

قال ابن جني : وإنما زيدت لتوكيد نفي المثل ; لأن زيادة الحرف بمنزلة إعادة الجملة ثانيا .

وقال الراغب : إنما جمع بين الكاف والمثل لتأكيد النفي ، تنبيها على أنه لا يصح استعمال المثل ولا الكاف ، فنفى بليس الأمرين جميعا .

وقال ابن فورك : ليست زائدة ، والمعنى ليس مثل مثله شيء ، وإذا نفيت التماثل عن المثل ، فلا مثل لله في الحقيقة .

وقال الشيخ عز الدين بن عبد السلام : مثل تطلق ويراد بها الذات ، كقولك : مثلك لا يفعل هذا ، أي : أنت لا تفعله ، كما قال :


ولم أقل مثلك أعني به سواك يا فردا بلا مشبه



وقد قال تعالى : فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به فقد اهتدوا [ البقرة : 137 ] أي : بالذي آمنتم به إياه ; لأن إيمانهم لا مثل له فالتقدير في الآية : ليس كذاته شيء .

وقال الراغب : المثل هنا بمعنى الصفة ، ومعناه : ليس كصفته صفة ، تنبيها على أنه وإن كان وصف بكثير مما وصف به البشر ، فليس تلك الصفات له على حسب ما تستعمل في البشر ، ولله المثل الأعلى .

تنبيه : ترد الكاف اسما بمعنى ( مثل ) فتكون في محل إعراب ويعود عليها الضمير .

قال الزمخشري في قوله تعالى : كهيئة الطير فأنفخ فيه [ آل عمران : 49 ] : إن الضمير في ( فيه ) للكاف في ( كهيئة ) أي : فأنفخ في ذلك الشيء المماثل ، فيصير كسائر الطيور . انتهى .

مسألة : الكاف في ( ذلك ) أي : في اسم الإشارة وفروعه ونحوه حرف خطاب لا محل له من الإعراب . وفي ( إياك ) قيل : حرف ، وقيل : اسم مضاف إليه . وفي ( أرأيتك ) قيل : حرف ، وقيل : اسم في محل رفع ، وقيل : نصب ، والأول : أرجح .

التالي السابق


الخدمات العلمية