الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ ص: 170 ] كتاب الباء

                                                          باب الباء وما بعدها في الذي يقال له المضاعف

                                                          ( بت ) الباء والتاء له وجهان وأصلان : أحدهما القطع ، والآخر ضرب من اللباس . فأما الأول فقالوا : البت القطع المستأصل ، يقال : بتت الحبل وأبتت . ويقال : أعطيته هذه القطيعة بتا بتلا . " والبتة " اشتقاقه من القطع ، غير أنه مستعمل في كل أمر يمضى ولا يرجع فيه . ويقال : انقطع فلان عن فلان فانبت وانقبض . قال :


                                                          فحل في جشم وانبت منقبضا بحبله من ذرى الغر الغطاريف

                                                          قال الخليل : أبت فلان طلاق فلانة ، أي : طلاقا باتا . قال الكسائي : كلام العرب أبتت عليه القضاء بالألف ، وأهل الحجاز يقولون : بتت ، وأنا أبت . وضرب يده فأبتها وبتها ، أي : قطعها . وكل شيء أنفذته وأمضيته فقد بتته . قال الخليل وغيره : رجل أحمق بات شديد الحمق ، وسكران بات ، أي : منقطع عن العمل ، وسكران ما يبت ، أي : ما يقطع أمرا . قال أبو حاتم : البعير [ البات ] الذي لا [ ص: 171 ] يتحرك من الإعياء فيموت . وفي الحديث : إن المنبت لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى هو الذي أتعب دابته حتى عطب ظهره فبقي منقطعا به . قال التميمي : " هذا بعير مبدع وأخاف أن أحمل عليه فأبته " ، أي : أقطعه . ومبدع : مثقل ، ومنه قوله : " إني أبدع بي " . قال النضر : البعير البات المهزول الذي لا يقدر على التحرك . والزاد يقال له بتات ، من هذا; لأنه أمارة الفراق . قال الخليل : يقال : بتته أهله ، أي : زودوه . قال :


                                                          أبو خمس يطفن به جميعا     غدا منهن ليس بذي بتات

                                                          قال أبو عبيد : وفي الحديث : لا يؤخذ عشر البتات يريد المتاع ، أي : ليس عليه زكاة . قال العامري : البتات الجهاز من الطعام والشراب ، وقد تبتت الرجل للخروج ، أي : تجهز .

                                                          قال العامري : يقال : حج فلان حجا بتا أي فردا ، وكذلك الفرد من كل شيء . قال : ورجل بت ، أي : فرد; وقميص بت ، أي : فرد ليس على صاحبه غيره . قال :


                                                          يا رب بيضاء عليها بت

                                                          قال ابن الأعرابي : أعطيته كذا فبتت به ، أي انفرد به .

                                                          ومما شذ عن الباب قولهم : طحن بالرحى بتا : إذا ذهب بيده عن يساره ، وشزرا : إذا ذهب به عن يمينه .

                                                          [ ص: 172 ]

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية