الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                                                                                          1832 - مسألة : ولا يتم النكاح إلا بإشهاد عدلين فصاعدا ، أو بإعلان عام ، فإن استكتم الشاهدان لم يضر ذلك شيئا .

                                                                                                                                                                                          نا محمد بن إسماعيل العذري ، ومحمد بن عيسى قالا : نا محمد بن علي الرازي المطوعي نا محمد بن عبد الله الحاكم النيسابوري قال : سمعت أبا بكر بن إسحاق الإمام يقول : حدثني أبو علي الحافظ قال الحاكم : ثم سألت أبا علي فحدثني قال : نا إسحاق بن أحمد بن إسحاق الرقي نا أبو يوسف محمد بن أحمد بن الحجاج الرقي نا عيسى بن يونس نا ابن جريج عن سليمان بن موسى عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها وشاهدي عدل فنكاحها باطل ، وإن دخل بها فلها المهر ، وإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له } . [ ص: 49 ]

                                                                                                                                                                                          قال أبو محمد : لا يصح في هذا الباب شيء ، غير هذا السند - يعني ذكر شاهدي عدل - وفي هذا كفاية لصحته .

                                                                                                                                                                                          فإن قيل : فمن أين أجزتم النكاح بالإعلان الفاشي ، وبشهادة رجل وامرأتين عدول ، وبشهادة أربع نسوة عدول ؟ قلنا : أما الإعلان : فلأن كل من صدق في خبر فهو في ذلك الخبر عدل صادق بلا شك ، فإذا أعلن النكاح ، فالمعلنان له به بلا شك صادقان عدلان فيه فصاعدا ، وكذلك الرجل والمرأتان فيهما شاهدا عدل بلا شك ، لأن الرجل والمرأة إذا أخبر عنهما غلب التذكير .

                                                                                                                                                                                          وأما الأربع النسوة فلقول رسول الله صلى الله عليه وسلم { شهادة المرأة بنصف شهادة الرجل } وقد ذكرناه [ بإسناده ] في " كتاب الشهادات " .

                                                                                                                                                                                          والحمد لله رب العالمين .

                                                                                                                                                                                          وقال قوم : إذا استكتم الشاهدان فهو نكاح سر ، وهو باطل .

                                                                                                                                                                                          قال أبو محمد : وهذا خطأ لوجهين - : أحدهما - أنه لم يصح قط نهي عن نكاح السر إذا شهد عليه عدلان .

                                                                                                                                                                                          والثاني - أنه ليس سرا ما علمه خمسة : الناكح ، والمنكح ، والمنكحة ، والشاهدان - قال الشاعر :

                                                                                                                                                                                          ألا كل سر جاوز اثنين شائع

                                                                                                                                                                                          وقال غيره :

                                                                                                                                                                                          السر يكتمه الاثنان بينهما     وكل سر عدا الاثنين منتشر



                                                                                                                                                                                          [ ص: 50 ] ومن أباح النكاح الذي يستكتم فيه الشاهدان : أبو حنيفة ، والشافعي ، وأبو سليمان ; وأصحابهم .

                                                                                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                                                                                          الخدمات العلمية