الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله ( كأنما يصعد في السماء )

قال أبو جعفر : وهذا مثل من الله تعالى ذكره ، ضربه لقلب هذا الكافر في شدة تضييقه إياه عن وصوله إليه ، مثل امتناعه من الصعود إلى السماء وعجزه عنه ؛ لأن ذلك ليس في وسعه .

وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

13873 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن عطاء الخراساني : ( كأنما يصعد في السماء ) ، يقول : مثله كمثل الذي لا يستطيع أن يصعد في السماء .

13874 - حدثني المثنى قال : حدثنا سويد قال : أخبرنا ابن المبارك ، عن معمر ، عن عطاء الخراساني ، مثله .

13875 - وبه قال : أخبرنا ابن المبارك ، عن ابن جريج قراءة : " يجعل صدره ضيقا حرجا " ، بلا إله إلا الله ، حتى لا تستطيع أن تدخله ، " كأنما يصعد في السماء " ، من شدة ذلك عليه .

13876 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثني حجاج ، عن ابن جريج ، مثله .

13877 - حدثني محمد بن الحسين قال : حدثنا أحمد بن مفضل قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : ( كأنما يصعد في السماء ) ، من ضيق صدره . [ ص: 110 ]

واختلفت القرأة في قراءة ذلك .

فقرأته عامة قرأة أهل المدينة والعراق : ( كأنما يصعد ) ، بمعنى : " يتصعد " ، فأدغموا التاء في الصاد ، فلذلك شددوا الصاد .

وقرأ ذلك بعض الكوفيين : " يصاعد " ، بمعنى : " يتصاعد " ، فأدغم التاء في الصاد ، وجعلها صادا مشددة .

وقرأ ذلك بعض قرأة المكيين : " كأنما يصعد " ، من " صعد يصعد " .

وكل هذه القراءات متقاربات المعاني ، وبأيها قرأ القارئ فهو مصيب ، غير أني أختار القراءة في ذلك بقراءة من قرأه : ( كأنما يصعد ) ، بتشديد الصاد بغير ألف ، بمعنى : " يتصعد " ، لكثرة القرأة بها ، ولقيل عمر بن الخطاب رضي الله عنه : " ما تصعدني شيء ما تصعدتني خطبة النكاح " .

التالي السابق


الخدمات العلمية