الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              2957 باب تحريم بيع الخمر

                                                                                                                              ومثله في النووي .

                                                                                                                              حديث الباب

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم النووي ص 3-4 ج 11 المطبعة المصرية

                                                                                                                              [عن عبد الرحمن بن وعلة السبئي "من أهل مصر "، أنه سأل عبد الله بن عباس، عما يعصر من العنب؟

                                                                                                                              فقال ابن عباس: إن رجلا، أهدى لرسول الله صلى الله عليه وسلم: راوية خمر، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هل علمت: أن الله قد حرمها؟" قال: لا. فسار إنسانا، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بم ساررته؟" فقال : أمرته ببيعها.

                                                                                                                              فقال "إن الذي حرم شربها، حرم بيعها".

                                                                                                                              قال: ففتح المزادة، حتى ذهب ما فيها.].
                                                                                                                              .

                                                                                                                              [ ص: 625 ]

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              [ ص: 625 ] (الشرح)

                                                                                                                              (عن عبد الرحمن بن وعلة السبئي ) بفتح السين . منسوب إلى سبأ . و"وعلة " : بفتح الواو ، وإسكان العين .

                                                                                                                              (من أهل مصر . أنه سأل عبد الله بن عباس "رضي الله عنهما " ، عما يعصر من العنب : فقال ابن عباس : إن رجلا أهدى لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : راوية خمر) سميت بها : لأنها تروي صاحبها ، ومن معه .

                                                                                                                              (فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : " هل علمت : أن الله تعالى قد حرمها ؟" قال : لا) .

                                                                                                                              قال النووي : لعل السؤال كان ، ليعرف حاله . فإن كان عالما بتحريمها : أنكر عليه هديتها ، وإمساكها ، وحملها . وعزره على ذلك . فلما أخبره : أنه كان جاهلا بذلك ، عذره .

                                                                                                                              والظاهر : أن هذه القضية ، كانت على قرب تحريم الخمر . قبل اشتهار ذلك .

                                                                                                                              وفي هذا : أن من ارتكب معصية ، جاهلا تحريمها : لا إثم عليه ، ولا تعزير.

                                                                                                                              [ ص: 626 ] (قال : فسار إنسانا . فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :

                                                                                                                              "بما ساررته ؟" فقال : أمرته ببيعها) .

                                                                                                                              " المسارر" الذي خاطبه النبي صلى الله عليه وآله وسلم : هو الرجل الذي أهدى الراوية ، كذا جاء مبينا في غير هذه الرواية . وأنه رجل من " دوس ".

                                                                                                                              قال القاضي : وغلط بعض الشارحين ، فظن : أنه رجل آخر .

                                                                                                                              وفيه : دليل لجواز سؤال الإنسان ، عن بعض أسرار الإنسان ; فإن كان مما يجب كتمانه ، كتمه . وإلا ، فيذكره .

                                                                                                                              (فقال : " إن الذي حرم شربها ، حرم بيعها " قال : ففتح المزاد حتى ذهب ما فيها) . هكذا وقع : " المزاد" في أكثر النسخ : بحذف الهاء في آخرها .

                                                                                                                              وفي بعضها : "المزادة " بالهاء . وقال في أول الحديث : " أهدى راوية "وهي هي

                                                                                                                              .قال أبو عبيد : هما بمعنى .

                                                                                                                              وقال ابن السكيت : إنما يقال لها : مزادة . وأما الراوية : فاسم للبعير خاصة .

                                                                                                                              قال النووي : والمختار : قول أبي عبيد . وهذا الحديث يدل لأبي [ ص: 627 ] عبيد . فإنه سماها : "راوية " ومزادة . لأنه يتزود فيها الماء ، في السفر وغيره .

                                                                                                                              وقيل : لأنه يزاد فيها ليتسع .

                                                                                                                              قال : وفي هذا الحديث : دليل للجمهور ، والشافعي ، على أن أواني الخمر ، لا تكسر . ولا تشق . بل يراق ما فيها .

                                                                                                                              وأما حديث أبي طلحة : أنهم كسروا الدنان . فإنما فعلوا ذلك بأنفسهم ، من غير أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم . انتهى .




                                                                                                                              الخدمات العلمية