الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ثم دخلت سنة أربعمائة

[نقص الماء من دجلة نقصانا لم يعهد مثله ]

فمن الحوادث فيها :

أن الماء نقص في شهر ربيع الأول من دجلة نقصانا لم يعهد مثله ، وظهرت فيها جزائر لم تكن قبل ، وامتنع سير السفن فيها من أوانا والراشدية من أعالي دجلة ، وأنفذ بمن كرى هذا الموضع وكان كرى دجلة مما استظرف وعجب منه لأنه لم تكر دجلة إلا في هذه السنة .

وفي جمادى الأولى بدئ ببناء السور على المشهد بالحائر ، وكان أبو محمد الحسن بن الفضل بن سهلان قد زار هذا المشهد ، وأحب أن يؤثر فيه أثرا ثم ما نذر لأجله أن يعمل عليه سورا حصينا مانعا لكثرة من يطرق الموضع من العرب ، وشرع في قضاء هذا النذر ففعل وعمل السور وأحكم وعلا وعرض ونصبت عليه أبواب وثيقة وبعضها حديد ، وتمم وفرغ منه وتحصن المشهد به وحسن الأثر فيه .

[الإرجاف بالخليفة القادر ]

وفي رمضان أرجف بالخليفة القادر بالله ، فجلس للناس في يوم جمعة بعد الصلاة وعليه البردة وبيده القضيب وحضر أبو حامد الإسفراييني ، وسأل أبو الحسن ابن حاجب النعمان الخليفة أن يقرأ آيات من القرآن ليسمعها الناس ، فقرأ بصوت عال [ ص: 71 ] مسموع : لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة لنغرينك بهم ثم لا يجاورونك فيها إلا قليلا ملعونين أينما ثقفوا أخذوا وقتلوا تقتيلا فبكى الناس وانصرفوا ودعوا .

[ورود الخبر بأن الحاكم أنفذ إلى دار جعفر بن محمد الصادق بالمدينة من فتحها ]

وفي هذه السنة : ورد الخبر بأن الحاكم أنفذ إلى دار جعفر بن محمد الصادق بالمدينة من فتحها وأخذ مصحفا وآلات كانت فيها ولم يتعرض لهذه الدار أحد منذ وفاة جعفر ، وكان الحاكم قد أنفذ في هذه السنة رجلا ومعه رسوم الحسنيين والحسينيين وزادهم فيها ورسم له أن يحضرهم ويعلمهم إشارة لفتح الدار والنظر إلى ما فيها من آثار جعفر ، وحمل ذلك إلى حضرته ليراه ويرده إلى مكانه ، ووعدهم على ذلك الزيادة في البر فأجابوه ففتحت فوجد فيها مصحف وقعب من خشب مطوق بحديد ودرقة خيزران وحربة وسرير فجمع وحمل ومضى معه جماعة من العلويين ، فلما وصلوا أطلق لهم النفقات [القريبة ] ورد عليهم السرير وأخذ الباقي ، وقال : أنا أحق به .

فانصرفوا ذامين له ، وأضاف الناس هذا إلى ما كان يفعله من الأمور التي خرق بها [العادات ] فدعى عليه ، فأمر بعمارة دار العلم وأحضر فيها العلماء والمحدثين وعمر الجامع وبالغ في ذلك ، فاتصل الدعاء له فبقي كذلك ثلاث سنين ، ثم أخذ يقتل أهل العلم وأغلق دار العلم ومنع من كل ما نسخ فيه .

وحج بالناس في هذه السنة أبو الحارث محمد بن محمد بن عمر العلوي .

التالي السابق


الخدمات العلمية