الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                    صفحة جزء
                    [ ص: 1509 ] فضائل أمهات المؤمنين

                    2742 - أنا محمد بن عثمان البصري قال : أنا أحمد بن محمد بن الجراح قال : نا يحيى بن محمد بن أعين المروزي قال : نا النضر بن شميل قال : نا هشام بن عروة قال : حدثني أبي قال : سمعت عبد الله بن جعفر يقول : سمعت عليا يقول : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " خير نسائها مريم بنت عمران ، وخير نسائها خديجة " .

                    2743 - أنا محمد بن عبد الله بن جعفر البزار قال : نا محمد بن عبد الله بن غيلان الخراز قال : نا الحسن بن الجنيد قال : نا وكيع بن الجراح قال : نا إسماعيل ، وهو ابن أبي خالد قال : سمعت ابن أبي أوفى يقول : " بشر النبي - صلى الله عليه وسلم - خديجة ببيت من قصب ، لا صخب فيه ولا نصب " أخرجه البخاري .

                    2744 - أنا عيسى بن علي قال : قرئ على أبي بكر محمد بن إبراهيم بن فيروز وأنا أسمع ، قيل له : حدثكم الحسين بن مهدي الأيلي قال : نا عبد الرزاق قال : أنا معمر ، عن قتادة ، عن أنس قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " حسبك من نساء العالمين مريم بنت عمران ، وآسية امرأة فرعون [ ص: 1510 ] ، وخديجة بنت خويلد ، وفاطمة بنت محمد بن عبد الله عليه السلام " .

                    2745 - أنا عبد الله بن محمد بن علي بن زياد النيسابوري قال : أنا أبو حامد أحمد بن محمد بن الحسن الشرقي قال : نا محمد بن يحيى قال : نا يحيى بن حماد ، عن أبي عوانة ، عن العلاء بن المسيب ، عن إبراهيم بن قعيس ، عن نافع ، عن ابن عمر : " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا خرج في سفر كان آخر عهده بفاطمة ، وإذا رجع كان أول عهده بفاطمة " .

                    2746 - أنا محمد بن عبد الرحمن بن العباس قال : نا عبد الله بن محمد البغوي قال : حدثني أبو بكر بن خلاد قال : نا يحيى بن سعيد قال : نا شعبة قال : حدثني عمرو بن مرة ، \ح\

                    2747 - وأنا محمد قال : نا أبو بكر عبد الله بن محمد بن زياد قال : أنا أحمد بن سعيد قال : نا النضر بن شميل قال : نا شعبة قال : \ح\

                    2748 - ونا إبراهيم بن مرزوق قال : نا وهب بن جرير قال : نا شعبة ، عن عمرو بن مرة ، عن مرة ، عن أبي موسى ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : [ ص: 1511 ] " كمل من الرجال كثير ، ولم يكمل من النساء إلا مريم بنت عمران ، وآسية امرأة فرعون ، وإن فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام " أخرجه البخاري ومسلم .

                    2749 - أنا عيسى بن علي قال : أنا عبد الله بن محمد البغوي قال : نا عبيد الله بن عمر قال : نا حماد بن زيد ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة ، قالت : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إني رأيتك قبل أن أتزوجك مرتين : رأيت الملك يحملك في خرقة حرير ، فقلت له : اكشف ، فكشف ، فإذا هي أنت ، فقلت : إن يك هذا من عند الله يمضه " .

                    2750 - أنا عيسى بن علي قال : أنا عبد الله بن محمد البغوي قال : نا سريج بن يونس قال : نا يوسف الماجشون ، عن أبيه ، عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك : " أن عائشة قالت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - : من أزواجك في الجنة ؟ قال : " إنك منهن . فخيل إلي أن ذلك لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يتزوج بكرا غيري " .

                    [ ص: 1512 ] 2751 - أنا عبد الله بن محمد بن علي بن زياد النيسابوري قال : نا أبو حامد مكي بن عبدان قال : نا محمد بن يحيى قال : نا أبو نعيم قال : نا زكرياء قال : سمعت عامرا الشعبي يقول : حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن ، أن عائشة رضي الله عنها حدثته أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " إن جبريل عليه السلام يقرئك السلام . قالت : وعليه السلام ورحمة الله " .

                    2752 - وأنا جعفر بن عبد الله بن يعقوب قال : أنا محمد بن هارون الروياني قال : نا أبو كريب قال : نا أبو أسامة ، عن مجالد ، عن عامر ، عن مسروق ، عن عائشة رضي الله عنها قالت : " دخل علي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا أبكي ، فقال : " ما يبكيك ؟ " فقالت : سبتني فاطمة . فقال : " يا فاطمة سببت عائشة ؟ " قالت : نعم يا رسول الله . قال : ألست تحبين من أحب ، وتبغضين من أبغض ؟ قالت : بلى . قال : " فإني أحب عائشة ، فأحبيها " . قالت : فإني لا أقول لعائشة شيئا يؤذيها أبدا .

                    2753 - أنا عيسى بن علي قال : أنا عبد الله بن محمد البغوي ، [ ص: 1513 ] قال : نا داود بن عمرو ، نا نافع ، عن ابن أبي مليكة قال : قالت عائشة : " توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في يومي ، وفي بيتي ، وبين سحري ونحري ، وجمع الله بين ريقي وريقه " أخرجه البخاري ومسلم .

                    2754 - أنا محمد بن عبد الرحمن ، نا يحيى بن صاعد ، نا محمد بن ميمون الخياط ، نا سفيان بن عيينة ، عن معمر ، عن عبد الله بن عثمان بن خثيم ، عن ابن أبي مليكة قال : " جاء ابن عباس يستأذن على عائشة ، فأدخلته ، فقال : ما بينك وبين أن تلقي الأحبة إلا أن تفارق الروح الجسد ، إنك كنت من أحب أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - إليه ، وكان لا يحب إلا طيبا ، وسقطت قلادتك ليلة الأبواء ، فجعل الله في ذلك خيرا ، فنزلت آية التيمم ، ونزلت فيك آيات من آيات الله ، فليس بمسجد من مساجد المسلمين إلا يتلى فيه عذرك آناء الليل وآناء النهار . فقالت : دعني من تزكيتك يا ابن عباس ، فلوددت أني كنت نسيا منسيا " .

                    2755 - أنا عبيد الله بن محمد بن أحمد بن عثمان بن أحمد ، نا الحسن بن سلام السواف ، نا معاوية بن عمرو ، نا زائدة ، عن إسماعيل ، عن قيس : " سأل عمرو بن العاص النبي - صلى الله عليه وسلم - : أي الناس أحب إليك ؟ قال : [ ص: 1514 ] " عائشة " . قال : لست أسألك عن النساء ، عن الرجال . قال : " أبوها " .

                    2756 - أنا محمد بن أبي بكر ، نا محمد بن مخلد ، نا أحمد بن منصور ، حدثني هارون بن معروف ، نا ابن وهب قال : وقال حيوة : أخبرني أبو صخر ، عن ابن قسيط ، عن عروة بن الزبير ، عن عائشة ، أنها قالت : " لما رأيت من النبي - صلى الله عليه وسلم - طيب نفس ، قلت : يا رسول الله ادع الله عز وجل لي ، فقال : " اللهم اغفر لعائشة ما تقدم من ذنبها وما تأخر ، وما أسرت وما أعلنت " .

                    فضحكت عائشة حتى سقط رأسها في حجرها من الضحك قال : فقال : لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " أيسرك دعائي " ؟ قالت : وما بي لا يسرني دعاؤك . قال : " والله إنها لدعوتي لأمتي في كل صلاة
                    " أخرجه مسلم .

                    2757 - أنا محمد بن الحسين الفارسي قال : نا أحمد بن سعيد الثقفي قال : نا محمد بن يحيى الذهلي قال : نا عبد الرزاق قال : نا معمر ، عن الزهري قال : أخبرني سعيد بن المسيب ، وعروة بن الزبير ، وعلقمة بن وقاص الليثي ، وعبد الله بن عتبة بن مسعود ، عن حديث عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - حين قال لها أهل الإفك ما قالوا ، فبرأها الله ، وكلهم قد حدثني بطائفة من حديثها ، وبعضهم كان أوعى لحديثها من بعض وأثبت اقتصاصا ، ووعيت عن كل واحد منهم [ ص: 1515 ] الحديث الذي حدثني ، وبعض حديثهم يصدق بعضا ، ذكروا : " أن عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أراد أن يخرج سفرا اقترع بين نسائه ، فأيتهن خرج سهمها خرج بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - معه .

                    قالت عائشة : فأقرع بيننا في غزوة غزاها ، فخرج فيها سهمي ، فخرجت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وذلك بعدما أنزل الحجاب ، وأنا أحمل في هودجي وأنزل فيه ، فسرنا حتى فرغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من غزوه وقفل ودنونا من المدينة أذن ليلة بالرحيل ، فقمت حين أذنوا بالرحيل ، فمشيت حتى جاوزت الجيش ، فلما قضيت شأني أقبلت إلى الرحل ، فلمست صدري ، فإذا عقدي من جزع أظفار قد انقطع ، فرجعت فالتمست عقدي ، فحبسني ابتغاؤه ، وأقبل الرهط الذين كانوا يرحلونني فيه ، فحملوا هودجي فرحلوه على بعيري الذي كنت أركب ، وهم يحسبون أني فيه ، وكانت النساء إذ ذاك خفافا لم يهبلن ، ولم يغشهن اللحم ؛ لما يأكلون العلقة من الطعام ، فلم يستنكر القوم ثقل الهودج حين رحلوه ، فرفعوه ، وكنت جارية حديثة السن ، فبعثوا الجمل وساروا ، ووجدت العقد بعدما استمر الجيش ، فجئت منازلهم وليس لها داع ولا مجيب ، فتيممت منزلي الذي كنت فيه ، وظننت أن القوم سيفقدونني فيرجعون إلي ، فبينا أنا جالسة في منزلي غلبتني عيني ، وكان صفوان بن معطل السلمي ثم الذكواني قد عرس من وراء الجيش ، فأدلج فأصبح عند منزلي ، فرأى سواد إنسان نائم ، فأتاني ، فعرفني حين رآني ، وكان يراني قبل أن يضرب علي الحجاب ، فاستيقظت باسترجاعه حين عرفني ، فخمرت وجهي بجلبابي ، ووالله ما كلمني كلمة ، ولا سمعت منه كلمة غير استرجاعه ، حتى أناخ راحلته ، فوطئ على يدها ، فركبت ، فانطلق يقود بي الراحلة ، حتى أتينا الجيش بعدما نزلوا موغرين في نحر الظهيرة ، فهلك من هلك في شأني ، وكان الذي تولى كبره عبد الله بن [ ص: 1516 ] أبي ابن سلول ، فقدمنا المدينة ، فاشتكيت حين قدمتها شهرا ، والناس يفيضون في قول أهل الإفك ، ولا أشعر بشيء من ذلك ، وهو يريبني اللطف الذي كنت أرى منه حين أشتكي ، إنما يدخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فيسلم ويقول : " كيف تيكم ؟ فذلك يحزنني ، حتى خرجت بعدما نقهت ، وخرجت مع أم مسطح قبل المناصع ، وهو متبرزنا ، ولا نخرج إلا ليلا ، وذلك قبل أن نتخذ الكنف قريبا من بيوتنا ، وأمرنا أمر العرب الأول في التنزه ، كنا نتأذى بالكنف أن نتخذها عن بيوتنا ، فانطلقت أنا وأم مسطح ، وهي ابنة أبي رهم بن عبد المطلب بن عبد مناف ، وأمها ابنة صخر بن عامر خالة أبي بكر الصديق ، وابنها مسطح بن أثاثة بن عباد بن عبد المطلب ، فأقبلت أنا وابنة أبي رهم قبل بيتي حين فرغنا من شأننا ، فعثرت أم مسطح في مرطها ، فقالت : تعس مسطح ، فقلت لها : بئس ما قلت ، أتسبين رجلا قد شهد بدرا ؟ قالت : أي هناه أولم تسمعي ما قال ؟ قلت : وما قال ؟ قالت : فأخبرتني بقول أهل الإفك ، فازددت مرضا إلى مرضي ، فلما رجعت إلى بيتي ، فدخل علي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ثم قال : " كيف تيكم ؟ " قلت : تأذن لي أن آتي أبوي ؟ قال : " نعم " . قالت : وأنا أريد حينئذ أن أتيقن هذا الخبر من قبلهما ، فأذن لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فجئت أبوي ، فقلت لأمي : يا أمه ما يتحدث الناس ؟ قالت : أي بنية ، هوني عليك ، فوالله لقل ما كانت امرأة قط وضيئة عند رجل يحبها ولها ضرائر إلا كثرن عليها . قالت : قلت : سبحان الله ، وقد تحدث الناس بهذا ؟ قالت : فبكيت تلك الليلة حتى أصبحت لا يرقأ لي دمع ، ولا أكتحل بنوم ، ثم أصبحت أبكي ، ودعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - علي بن أبي طالب وأسامة بن زيد حين استلبث الوحي يستشيرهما في فراق أهله . قالت : فأما أسامة بن زيد فأشار على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي يعلمه من براءة أهله ، وبالذي يعلم في نفسه لهم من الود ، فقال : يا [ ص: 1517 ] رسول الله ، هم أهلك ، ولا نعلم إلا خيرا . وأما علي بن أبي طالب ، فقال : لم يضيق الله عليك ، والنساء سواها كثير ، وإن تسأل الجارية تصدقك . قالت : فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بريرة ، فقال : أي بريرة هل رأيت شيئا يريبك من عائشة ؟ قالت له بريرة : والذي بعثك بالحق وإن رأيت عليها أمرا قط أغمصه عليها أكثر من أنها جارية حديثة السن تنام عن عجين أهلها ، فتأتي الداجن فتأكله . قال : فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاستعذر من عبد الله بن أبي ابن سلول .

                    قالت : فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو على المنبر : " يا معشر المسلمين ، من يعذرني من رجل قد بلغني أذاه في أهل بيتي ؟ فوالله ما علمت على أهلي إلا خيرا ، ولقد ذكروا رجلا ما علمت عليه إلا خيرا ، وما كان يدخل على أهلي إلا معي " .

                    فقام سعد بن معاذ الأنصاري ، فقال : أعذرك منه يا رسول الله ، إن كان من الأوس ضربنا عنقه ، وإن كان من إخواننا الخزرج أمرتنا ففعلنا أمرك .

                    قالت : فقام سعد بن عبادة ، وهو سيد الخزرج ، وكان رجلا صالحا ، ولكن احتملته الحمية ، فقال لسعد بن معاذ : كذبت والله لا تقتله ، ولا تقدر على قتله . فقام أسيد بن حضير ، وهو ابن عم سعد بن معاذ ، فقال لسعد بن عبادة : كذبت ، لعمر الله لنقتلنه ، فأنت منافق تجادل عن المنافقين . فثار الحيان الأوس والخزرج حتى هموا أن يقتتلوا ، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - قائم على المنبر ، فلم يزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخفضهم حتى سكتوا وسكت . قالت : وبكيت يومي ذلك لا يرقأ لي دمع ، ولا أكتحل بنوم ، ثم بكيت ليلتي المقبلة لا يرقأ لي دمع ، ولا أكتحل بنوم ، وأبواي يظنان أن البكاء فالق كبدي ، فبينا هما جالسان عندي وأنا أبكي ، استأذنت علي امرأة من الأنصار ، فأذنت لها ، فجلست تبكي معي .

                    قالت : فبينا نحن على ذلك دخل علينا رسول [ ص: 1518 ] الله - صلى الله عليه وسلم - ثم جلس . قالت : ولم يجلس عندي منذ قيل ما قيل ، ولقد لبث شهرا لا يوحى إليه في شأني . قالت : فتشهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين جلس ، ثم قال : " أما بعد ، يا عائشة ، فإنه بلغني عنك كذا وكذا ، فإن كنت بريئة فسيبرئك الله ، وإن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله وتوبي إليه ، فإن العبد إذا اعترف بذنبه ثم تاب تاب الله عليه " . قالت : فلما قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مقالته ، قلص دمعي ، حتى ما أحس منه قطرة ، فقلت لأبي : أجب عني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيما قال . قال : والله ما أدري ما أقول لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - .

                    فقلت لأمي : أجيبي عني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . قالت : والله ما أدري ما أقول لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - . فقلت ، وأنا جارية حديثة السن ، لا أقرأ كثيرا من القرآن : إني والله لقد عرفت أنكم قد سمعتم بهذا حتى استقرت أنفسكم وصدقتم به ، فلئن قلت لكم : إني بريئة ، والله يعلم أني بريئة ، لا تصدقوني بذلك ، وإن اعترفت لكم بأمر ، والله يعلم أني بريئة ، لتصدقني ، والله لا أجد لكم مثلا إلا كما قال أبو يوسف : فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون .

                    ثم قالت : ثم تحولت فاضطجعت على فراشي . قالت : وأنا والله حينئذ أعلن أني بريئة ، وإن الله مبرئي ببراءتي ، ولكن والله ما كنت أظن أن ينزل في شأني وحي يتلى ، ولشأني كان أحقر في نفسي أن يتكلم الله في بأمر يتلى ، ولكن كنت أرجو أن يرى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في النوم رؤيا يبرئني الله بها . قالت : فوالله ما رام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مجلسه ، ولا خرج من أهل البيت أحد ، حتى أنزل الله على نبيه ، فأخذه ما كان يأخذه من البرحاء عند الوحي ، حتى إنه ليتحدر منه مثل الجمان من العرق في اليوم الشاتي من ثقل القول الذي أنزل عليه . قالت : فلما سري عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وهو [ ص: 1519 ] يضحك ، فكان أول كلمة تكلم بها أن قال : أبشري يا عائشة ، أما الله فقد برأك . فقالت لي أمي : قومي إليه . فقلت : والله لا أقوم إلا لله ، ولا أحمد إلا الله ، هو الذي أنزل براءتي ، فأنزل الله : " إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم " عشر آيات ، فأنزل الله تعالى هذه الآيات براءتي .

                    قالت : فقال أبو بكر ، وكان ينفق على مسطح لقرابته منه وفقره : والله لا أنفق عليه شيئا أبدا بعد الذي قال لعائشة ما قال . قالت : فأنزل الله : " ولا يأتل أولو الفضل منكم والسعة " إلى قوله : " ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم " قال أبو بكر : والله إني لأحب أن يغفر الله لي .

                    فرجع إلى مسطح النفقة التي كان ينفق عليه ، وقال : لا أنزعها عنه أبدا . قالت عائشة : وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسائل زينب بنت جحش زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - كثيرا عن أمري ما علمت أو رأيت ؟ فقالت : يا رسول الله أحمي سمعي وبصري ، والله ما علمت إلا خيرا . قالت عائشة : وهي التي كانت تساببني من أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فعصمها الله بالورع ، وطفقت أختها خمنة بنت جحش تحامي لها ، فهلكت فيمن هلك
                    .

                    قال الزهري : فهذا ما انتهى إلينا من هؤلاء الرهط .

                    أخرجه البخاري ومسلم .

                    2758 - أنا علي بن محمد بن عمر قال : أنا عبد الرحمن بن أبي حاتم قال : نا أحمد بن يحيى السوسي قال : نا أبو بدر شجاع [ ص: 1520 ] بن الوليد ، نا حفص الحلبي ، مولى السكون عن علي بن زيد بن جدعان ، عن أمه ، عن عائشة ، قالت : " أعطيت تسعا لم يعطه شيئا من النساء بعد مريم بنت عمران : نزل جبريل بصورتي في كفه ، وأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بتزويجي ، وتزوجني بكرا ، ولم يزوج بكرا غيري ، وقبض ورأسه في نحري ، وقبره في بيتي ، وحفت الملائكة بيتي ، وكان ينزل الوحي فيفرق عنه أهله ، وينزل وأنا معه في لحافه ، وأنا ابنة خليفته وصديقه ، ونزل عذري من السماء في القرآن ، وجعلت طيبة لطيب ، ووعدت مغفرة ورزقا كريما " .

                    2759 - أنا علي بن أحمد بن يعقوب ، أنا عبد الرحمن بن أبي حاتم ، نا عمرو بن عبيد الله الأودي ، نا أبو معاوية ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه قال : " ما رأيت امرأة قط أعلم بطب ولا بفقه ولا بشعر من [ ص: 1521 ] عائشة .

                    2760 - أنا علي بن عمر ، أنا أحمد بن عثمان الآدمي ، نا موسى بن سهل الوشاء ، أنا شبابة ، عن ورقاء بن عمر ، عن عبد الكريم بن أبي المخارق قال : " جاء عمار بن ياسر إلى عائشة يوم الجمل ، فقال : السلام عليك يا أمه . فقالت : ما أنا لك بأم . قال : بلى والله وإن كرهت ، وإنك لزوجة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الدنيا والآخرة .

                    2761 - وأنا علي ، ثنا محمد بن جعفر قال : نا أبو إسماعيل الترمذي ، نا أبو صالح عبد الله بن صالح ، نا الليث بن سعد ، أن علي بن أبي طالب ذكر عائشة ، فقال : " لو كانت امرأة تكون خليفة لكانت عائشة خليفة .

                    2762 - وأنا محمد بن الحسن الهاشمي ، ثنا الحسين بن إسماعيل ، نا أحمد بن منصور ، نا الحسن بن بشر ، ثنا المعافى بن عمران ، عن مغيرة ، عن عطاء قال : " كانت عائشة أعلم الناس ، وأفقه الناس ، وأحسن الناس رأيا في العامة .

                    2763 - أنا علي بن أحمد بن عبدان ، نا أحمد بن عبيد ، نا إسماعيل بن الفضل ، نا منجاب ، نا علي بن مسهر ، عن هشام ، عن القاسم بن محمد قال : [ ص: 1522 ] سمعت ابن الزبير قال : " ما رأيت امرأة قط أجود من عائشة وأسخى ، كانت تجمع الشيء إلى الشيء ، حتى إذا اجتمع عندها وضعته مواضعه ، وأما أسماء فكانت لا تمسك شيئا لغد .

                    2764 - وأنا علي بن أحمد ، نا أحمد بن عبيد ، نا أحمد بن عبيد الله النرسي ، نا قبيصة ، نا سفيان ، عن الأعمش ، عن تميم بن سلمة ، عن عروة قال : " لقد رأيت عائشة تقسم سبعين ألفا ، وهي ترقع درعها " .

                    2765 - وأنا علي ، نا أحمد ، ثنا الحسن بن علي بن المتوكل ، نا محمد بن علي ، نا حبان بن موسى ، نا عبد الله ، عن معمر ، عن الزهري ، عن القاسم بن محمد قال : قال معاوية : " ما رأيت أحدا بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبلغ من عائشة .

                    2766 - أنا عبد الرحمن بن عمر ، أنا محمد بن جعفر ، نا عباس بن محمد ، نا هارون ، يعني ابن معروف ، نا سفيان بن عيينة قال : " سأل معاوية زيادا : أي الناس أبلغ ؟ قال : أنت يا أمير المؤمنين . قال : أعزم عليك . قال : أما إذا عزمت علي فعائشة . فقال معاوية : أما إنها ما فتحت بابا قط تريد أن تغلقه إلا أغلقته ، ولا أغلقت بابا تريد أن تفتحه إلا فتحته .

                    2767 - أنا علي بن عمر ، أنا أحمد بن سلمان ، نا الحسن بن مكرم ، نا علي بن عاصم ، نا خالد الحذاء ، عن محمد بن سيرين ، عن الأحنف بن قيس قال : " سمعت خطبة أبي بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعلي ، والخلفاء بعد ، فما سمعت الكلام من في مخلوق أفخم ولا أحسن من في عائشة أم [ ص: 1523 ] المؤمنين رضي الله عنها .

                    2768 - أنا عمر بن عبد الله بن زاذان ، أنا إسحاق بن محمد القزويني ، نا علي بن حرب ، نا ابن فضيل ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة : " أنها ذكرت عند رجل فسبها ، فقيل : أتسب أمك ؟ قال : ما هي أمي . فبلغها ، فقالت : صدق ، أنا أم المؤمنين ، وأما الكافرون فلست لهم بأم .

                    2767 - وأنا محمد بن عبد الرحمن ، ثنا يعقوب بن إبراهيم ، نا علي بن مسلم قال : نا أم عمر بنت حسان بن زيد ، قالت : حدثني صاحبي سعيد بن يحيى بن عيسى ، عن أبيه ، عن عائشة أنها قالت : لا ينتقصني أحد في الدنيا إلا تبرأت منه في الآخرة .

                    2770 - أنا أحمد بن محمد بن حفص ، أنا محمد بن سليمان ، أخبرنا أبو الحسن محمد بن الحسين بن علي الكاتب قال : نا يحيى بن عاصم قال : نا نهار البخاري ، عن أبي عامر الهمداني قال : سمعت الشعبي يقول : ما زنت امرأة نبي قط .

                    التالي السابق


                    الخدمات العلمية