الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله ( وكذلك نولي بعض الظالمين بعضا بما كانوا يكسبون ( 129 ) )

قال أبو جعفر : اختلف أهل التأويل في تأويل ( نولي ) .

فقال بعضهم : معناه : نحمل بعضهم لبعض وليا على الكفر بالله . [ ص: 119 ]

ذكر من قال ذلك :

13893 - حدثنا يونس قال : حدثنا بشر بن معاذ قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة قوله : ( وكذلك نولي بعض الظالمين بعضا بما كانوا يكسبون ) ، وإنما يولي الله بين الناس بأعمالهم ، فالمؤمن ولي المؤمن أين كان وحيث كان ، والكافر ولي الكافر أينما كان وحيثما كان . ليس الإيمان بالتمني ولا بالتحلي .

وقال آخرون : معناه : نتبع بعضهم بعضا في النار من " الموالاة " ، وهو المتابعة بين الشيء والشيء ، من قول القائل : " واليت بين كذا وكذا " ، إذا تابعت بينهما .

ذكر من قال ذلك :

13894 - حدثني محمد بن عبد الأعلى قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة : ( وكذلك نولي بعض الظالمين بعضا ) ، في النار ، يتبع بعضهم بعضا .

وقال آخرون : معنى ذلك ، نسلط بعض الظلمة على بعض .

ذكر من قال ذلك :

13895 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله : ( وكذلك نولي بعض الظالمين بعضا ) ، قال : ظالمي الجن وظالمي الإنس . وقرأ : ( ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين ) ، [ سورة الزخرف : 36 ] . قال : نسلط ظلمة الجن على ظلمة الإنس‌‌ . [ ص: 120 ]

قال أبو جعفر : وأولى هذه الأقوال في تأويل ذلك بالصواب ، قول من قال : معناه : وكذلك نجعل بعض الظالمين لبعض أولياء ؛ لأن الله ذكر قبل هذه الآية ما كان من قول المشركين ، فقال جل ثناؤه : ( وقال أولياؤهم من الإنس ربنا استمتع بعضنا ببعض ) ، وأخبر جل ثناؤه : أن بعضهم أولياء بعض ، ثم عقب خبره ذلك بخبره عن أن ولاية بعضهم بعضا بتوليته إياهم ، فقال : وكما جعلنا بعض هؤلاء المشركين من الجن والإنس أولياء بعض يستمتع بعضهم ببعض ، كذلك نجعل بعضهم أولياء بعض في كل الأمور " بما كانوا يكسبون " ، من معاصي الله ويعملونه .

التالي السابق


الخدمات العلمية