الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      فأصابهم ؛ أي: فتسبب عن ظلمهم لأنفسهم أن أصابهم؛ سيئات ؛ أي: عقوبات - أو جزاء - سيئات ما عملوا وحاق ؛ أي: أحاط إحاطة ضابطة؛ بهم ؛ من العذاب؛ والمرسل به من الملائكة؛ ما كانوا به ؛ أي: خاصة؛ يستهزئون ؛ تكبرا عن قبول الحق.

                                                                                                                                                                                                                                      ومادة "حاق" - واوية؛ ويائية؛ بتراكيبها الست: "حوق"؛ "حقو"؛ "قحو"؛ "قوح"؛ "وقح"؛ "حيق" - تدور على الإحاطة؛ ويلزمها صلابة المحيط؛ ولين المحاط به: "حاق به الشيء"؛ إذا نزل به فأحاط؛ و"الحيق": [ ص: 151 ] ما يشتمل على الإنسان من مكروه فعله؛ و"حاق فيه السيف": حاك؛ أي: "عمل"؛ من التسمية باسم الجزء؛ ولأنه في الأغلب يكون في عمله الموت؛ المحيط بالأجل؛ و"حاق بهم الأمر": لزمهم؛ ووجب عليهم؛ ونزل بهم؛ و"الحيقة": شجرة كالشيح؛ يؤكل بها التمر؛ كأنه يحيط بالتمرة؛ و"حايقه": حسده؛ وأبغضه؛ لإحاطة ذلك.

                                                                                                                                                                                                                                      و"الحوق"؛ بالضم: ما أحاط بالكمرة من حروفها؛ وبالضم والفتح معا: استدارة في الذكر؛ و"الحوق"؛ بالفتح فقط: الإحاطة؛ و"الأحوق"؛ و"المحوق"؛ كـ "معظم": الكمرة؛ كأنها مختصة بذلك لكبرها؛ ومنه "فيشلة حوقاء": عظيمة؛ كأنها لعظمها هي التي ظهر حرفها دون غيرها؛ و"أرض محوقة"؛ بضم الحاء: قليلة النبت لقلة المطر؛ كأنه تشبه بالكمرة في ملاستها؛ و"تركت النخلة حوقاء"؛ إذا أشعل في الكرانيف؛ لاستدارة النار بها؛ أو لشبهها بعد حريق السعف بالذكر؛ أو رأسه؛ و"الحوقة"؛ بالفتح: الجماعة الممخرقة؛ لأن الجماعة لها قوة الاستدارة؛ والممخرق إن كان من الكذب فمن لازمه العوج؛ وإن كان من المخراق - وهو المنديل الذي يلف للعب به - فاللعب به على هيئة الاستدارة؛ و"حوق [ ص: 152 ] عليه؛ تحويقا": عوج عليه الكلام؛ و"الحوق"؛ بالفتح أيضا: الكنس؛ والدلك؛ والتمليس؛ لأن كلا منها ترد فيه اليد إلى قريب من مكانها؛ فيشبه الإحاطة؛ ولو بالتعويج.

                                                                                                                                                                                                                                      و"الحقو": الكشح؛ وهو ما بين عظم رأس الورك؛ إلى الضلع؛ الخلف؛ لأنه موضع إحاطة الإزار؛ والإزار نفسه "حقو"؛ لأنه آلته؛ أو "الحقو"؛ معقد الإزار؛ و"الحقو": موضع غليظ؛ مرتفع عن السيل؛ من الصلابة؛ والاستدارة؛ لأن السيل يحيط به؛ أو يكاد؛ و"من السهم": موضع الريش؛ لأنه يشبه الحقو في استدارته؛ وغلظ بعض؛ ودقة بعض؛ وفي إحاطة الريش به؛ ومن الثنية: جانباها؛ من الإحاطة؛ أو مطلق العوج؛ و"الحقوة": وجع في البطن من أكل اللحم؛ للحوق وجعه الحقو؛ و"الأقحوان": نبت يستدير به زهره؛ وأقاحي الأمر: تباشيره؛ لأنها تحيط به غالبا؛ و"قحا المال": أخذه؛ لما يلزمه من الإحاطة؛ و"المقحاة": المجرفة؛ لأنها تحيط بالمجروف.

                                                                                                                                                                                                                                      ومن اللين: "قاح الجرح؛ يقوح": صارت فيه مدة خالصة؛ لا يخالطها [ ص: 153 ] دم؛ كـ "قاح؛ يقيح" - واوية ويائية -؛ ولما يلزمه من الاستدارة غالبا؛ و"قوح الجرح": انتبر؛ إما من الموضع الغليظ المرتفع عن السيل؛ وإما من استدارته؛ و"قاح البيت": كنسه؛ كـ "قوحه"؛ و"القاحة": الساحة؛ لاستدارتها غالبا؛ و"أقاح": صمم على المنع بعد السؤال؛ إما من الإزالة؛ أي: أزال اللين؛ وإما من الصلابة.

                                                                                                                                                                                                                                      ومن الصلابة: "الوقاح"؛ للحافر الصلب؛ وهو من الاستدارة أيضا؛ و"رجل وقاح الوجه": قليل الحياء؛ منه؛ و"الموقح"؛ كـ "معظم": المجرب؛ و"توقيح الحوض": إصلاحه بالمدر والصفائح؛ للاستدارة؛ والصلابة.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية