الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        يا أيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم والذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلاث مرات من قبل صلاة الفجر وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة ومن بعد صلاة العشاء ثلاث عورات لكم ليس عليكم ولا عليهم جناح بعدهن طوافون عليكم بعضكم على بعض كذلك يبين الله لكم الآيات والله عليم حكيم

                                                                                                                                                                                                                                        ( يا أيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم ) رجوع إلى تتمة الأحكام السالفة بعد الفراغ من الإلهيات الدالة على وجوب الطاعة فيما سلف من الأحكام وغيرها والوعد عليها والوعيد على الإعراض عنها ، والمراد به خطاب الرجال والنساء غلب فيه الرجال لما روي أن غلام أسماء بنت أبي مرثد دخل عليها في وقت كرهته فنزلت .

                                                                                                                                                                                                                                        وقيل أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم مدلج بن عمرو الأنصاري وكان غلاما وقت الظهيرة ليدعو عمر ، فدخل وهو نائم وقد انكشف عنه ثوبه فقال عمر رضي الله تعالى عنه : لوددت أن الله عز وجل نهى آباءنا وأبناءنا وخدمنا أن لا يدخلوا هذه الساعات علينا إلا بإذن ، ثم انطلق معه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فوجده وقد أنزلت هذه الآية : ( والذين لم يبلغوا الحلم منكم ) والصبيان الذين لم يبلغوا من الأحرار فعبر عن البلوغ بالاحتلام لأنه أقوى دلائله . ( ثلاث مرات ) في اليوم والليلة مرة . ( من قبل صلاة الفجر ) لأنه وقت القيام من [ ص: 114 ]

                                                                                                                                                                                                                                        المضاجع وطرح ثياب النوم ولبس ثياب اليقظة ، ومحله النصب بدلا من ثلاث مرات أو الرفع خبرا لمحذوف أي هي من قبل صلاة الفجر . ( وحين تضعون ثيابكم ) أي ثيابكم لليقظة للقيلولة . ( من الظهيرة ) بيان للحين . ( ومن بعد صلاة العشاء ) لأنه وقت التجرد عن اللباس والالتحاف باللحاف . ( ثلاث عورات لكم ) أي هي ثلاث أوقات يختل فيها تستركم ، ويجوز أن يكون مبتدأ وخبره ما بعده وأصل العورة الخلل ومنها أعور المكان ورجل أعور . وقرأ أبو بكر وحمزة والكسائي ( ثلاث ) بالنصب بدلا من ( ثلاث مرات ) . ( ليس عليكم ولا عليهم جناح بعدهن ) بعد هذه الأوقات في ترك الاستئذان ، وليس فيه ما ينافي آية الاستئذان فينسخها لأنه في الصبيان ومماليك المدخول عليه وتلك في الأحرار البالغين . ( طوافون عليكم ) أي هم طوافون استئناف ببيان العذر المرخص في ترك الاستئذان وهو المخالطة وكثرة المداخلة ، وفيه دليل على تعليل الأحكام وكذا في الفرق بين الأوقات الثلاثة وغيرها بأنها عورات . ( بعضكم على بعض ) بعضكم طائف على بعض أو يطوف بعضكم على بعض . ( كذلك ) مثل ذلك التبيين . ( يبين الله لكم الآيات ) أي الأحكام .

                                                                                                                                                                                                                                        ( والله عليم ) بأحوالكم . ( حكيم ) فيما شرع لكم .

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية