الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        [ ص: 86 ] كتاب حد الزنا

                                                                                                                                                                        هو من المحرمات الكبائر ، وموجب للحد ، وفيه بابان

                                                                                                                                                                        الأول : فيما يوجب الحد ، ومعرفة الحد .

                                                                                                                                                                        وضابط الموجب أن إيلاج قدر الحشفة من الذكر في فرج محرم يشتهى طبعا لا شبهة فيه سبب لوجوب الحد ، فإن كان الزاني محصنا ، فحده الرجم ولا يجلد معه ، وقال ابن المنذر من أصحابنا : يجلد ، ثم يرجم ، وإن كان غير محصن ، فواجبه الجلد والتغريب ، وسواء في هذين الرجل والمرأة ، ويشترط في المحصن هنا ثلاث صفات .

                                                                                                                                                                        إحداها : التكليف ، فلا حد على صبي ولا مجنون ، لكن يؤدبان بما يزجرهما .

                                                                                                                                                                        الثانية : الحرية ، فليس الرقيق والمكاتب وأم الولد ومن بعضه رقيق محصنين .

                                                                                                                                                                        الثالثة : الوطء في نكاح صحيح ، ويكفي تغييب الحشفة ، ولا يشترط كونه ممن ينزل ، ويحصل بوطء في الحيض والإحرام ، وعدة الشبهة ، ولا يحصل بالوطء بملك اليمين ، وهل يحصل بالوطء بشبهة أو في نكاح فاسد ؟ قولان ، المشهور وبه قطع الجمهور : لا ، وهل يحصل بوطء زوجة قبل التكليف والحرية ؟ وجهان ، أصحهما عند الجمهور ، وهو ظاهر النص : لا ، فلا يجب الرجم على من وطئ في نكاح صحيح وهو صبي أو مجنون أو رقيق ، ثم زنى بعد كماله ، وحكي وجه ثالث أنه يحصل بوطء الصبي دون الرقيق ، ووجه رابع عكسه ، فإن شرطنا وقوعه في حال الكمال ، فهل يشترط كون الزاني الآخر كاملا حينئذ ؟ فيه ثلاثة أقوال ، أظهرها : لا .

                                                                                                                                                                        فلو كان أحدهما كاملا دون الآخر ، صار الكامل محصنا ; لأنه حر مكلف وطئ في نكاح صحيح ، والثاني : نعم ، فلو كان أحدهما [ ص: 87 ] غير كامل ، لم يصر الكامل محصنا ، والثالث : إن كان نقص الناقص بالرق ، صار الكامل محصنا ، وإن كان بصغر أو جنون ، فلا ، وقال الإمام : هذا الخلاف في صغيرة أو صغير لا يشتهيه الجنس الآخر ، فإن كان مراهقا ، حصل قطعا .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        إذا زنى البكر بمحصنة ، أو المحصن ببكر ، رجم المحصن منهما ، وجلد الآخر وغرب .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        الرقيق يجلد خمسين ، سواء فيه القن والمكاتب وأم الولد ، ومن بعضه حر ، وفيمن نصفه حر ونصفه رقيق وجه أنه يحد ثلاثة أرباع حد الحر ، ووجه ثالث أنه إن كان بينه وبين سيده مهايأة ووافق نوبة نفسه فعليه حد الحر ، وإلا فحد العبد ، والصحيح الأول ، وهل يغرب العبد نصف سنة أم سنة أم لا يغرب ؟ أقوال ، أظهرها : الأول .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية