الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
( فائدة ) فإن قيل الكذب فيما لا يضر ولا ينفع صغيرة فما تقولون فيمن قذف محصنا قذفا لا يسمعه أحد إلا الله تعالى والحفظة ؟ مع أنه لم يواجه به المقذوف ولم يغتبه به عند الناس ، هل يكون قذفه كبيرة موجبة للحد مع خلوه من مفسدة الأذى ؟ قلنا الظاهر أنه ليس بكبيرة موجبة للحد لانتفاء المفسدة ولا يعاقب في الآخرة عقاب المجاهر في وجه المقذوف أو في ملأ من الناس ، بل عقاب الكذابين غير المصرين وقد قال الشاعر :

فإن الذي يؤذيك منه سماعه وإن الذي قالوا وراءك لم يقل

شبهه بالذي لم يقل لانتفاء ضرره وأذيته ، فإن قيل إذا اغتابه بالقذف لم يتأذ المقذوف مع غيبته ، فلم أوجبتم الحد مع انتفاء مفسدة التأذي ؟ قلنا لأن ذلك لو بلغه لكان أشد عليه من القذف في الخلوة ، ولأنه إذا قذفه على ملأ من الناس احتقروه بذلك وزهدوا في معاملته ومواصلته ، وربما أشاعوا ذلك إلى أن يبلغه وليس كذلك قذفه في الخلوة ، والإنسان يكره بطبعه أن يهتك عرضه في غيبته وأما قذفه في الخلوة فلا فرق بين إجرائه على لسانه وبين إجرائه على قلبه .

التالي السابق


الخدمات العلمية