الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              صفحة جزء
              609 - محمد السمين

              ومنهم الفاتك الأمين ، القوي المكين ، المعروف بمحمد السمين .

              أخبرني جعفر بن محمد ، في كتابه ، وحدثني عنه محمد بن إبراهيم ، قال : سمعت الجنيد بن محمد ، يقول : قال محمد السمين : " كنت في وقت من أيامي محمولا أعمل على [ ص: 337 ] الشوق وأنا أجد من ذلك وأنا مستقبل ، فخرج الناس في غزاة وخرجت معهم فاشتدت شوكة الروم على المسلمين والتقوا ، ولحق المسلمين من ذلك خوف لكثرتهم ، فرأيت نفسي مروعا تضطرب ، فكبر ذلك علي فوبخت نفسي ألومها وأقول لها : أين ما كنت تدعينه من الشوق ؟ وأعاتبها أقول لها : لما ظفرت بما كنت تؤملين تغيرت واضطربت ؟ فبينا أنا في عتابي وتوبيخي لها وقع لي أن أنزل إلى هذا البحر ، وأغتسل وبحضرتنا نهر من أنهار الروم ، فخلعت ثيابي واتزرت ، ودخلت البحر ، فاغتسلت فأعطيت قوة ، وذهب عني الروع والاضطراب بتلك القوة ، واشتدت بي العزيمة ، فخرجت ولبست ثيابي ، وأخذت سلاحي ، وأتيت الصف فحملت حملة لا أحس من نفسي شيئا ، فخرقت صفوف المسلمين وصفوف الروم ، وصرت من وراء صفوف الروم ، فكبرت تكبيرة فسمع العدو تكبيرتي وقدروا أن كمينا للمسلمين قد خرج عليهم من ورائهم فولوا منهزمين ، وحمل عليهم المسلمون فقتل منهم نحو أربعة آلاف رجل ، وجعل الله ذلك التكبير سببا للفتح والنصر " .

              سمعت محمد بن الحسين بن موسى ، يقول : سمعت محمد بن الحسن البغدادي ، يقول : سمعت محمد بن عبد الله الفرغاني ، يقول : سمعت مؤملا المغازلي ، يقول : كنت أصحب محمدا السمين فسافرت معه حتى بلغنا ما بين تكريت وموصل ، فبينا نحن في برية نسير إذ زأر السبع من قريب فجزعت وتغيرت وظهر ذلك على صفتي ، وهممت أبادر ، فضبطني محمد وقال : يا مؤمل ، التوكل هاهنا ليس في مسجد الجامع " .

              التالي السابق


              الخدمات العلمية