الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ولم يعلل ما بعده بذلك؛ لأن المتخوف مجوز للعجز؛ فقال (تعالى): أو يأخذهم ؛ أي: الله؛ أخذ غضب؛ على تخوف ؛ منهم من العذاب؛ وتحفظ من أن يقع بهم ما وقع بمن قبلهم؛ من عذاب الاستئصال؛ ويجوز أن يراد بما مضى عذاب الاستئصال؛ وبهذا الأخذ شيئا فشيئا؛ فإن التخوف التنقص عند هذيل؛ روي أن عمر - رضي الله عنه - سأل الناس عنها؛ فسكتوا؛ فأجابه شيخ من هذيل بأنه التنقص؛ فقال عمر - رضي الله عنه -: "هل تعرف العرب ذلك في أشعارها؟"؛ قال: نعم؛ قال شاعرنا؛ [ ص: 171 ] أبو كثير الهذلي؛ يصف ناقة:


                                                                                                                                                                                                                                      تخوف الرحل منها تامكا قردا ... كما تخوف عود النبعة السفن



                                                                                                                                                                                                                                      فقال عمر - رضي الله عنه -: "أيها الناس؛ عليكم بديوانكم لا يضل"؛ قالوا: وما ديواننا؟ قال: "شعر الجاهلية؛ فإن فيه تفسير كتابكم؛ ومعاني كلامكم".

                                                                                                                                                                                                                                      ولما كان التقدير: "لم يأمنوا ذلك في نفس الأمر"؛ ولكن جهلهم بالله - لطول أناته؛ وحلمه – غرهم"؛ سبب عنه قوله - التفاتا إلى الخطاب؛ استعطافا -: فإن ربكم ؛ أي: المحسن إليكم بإهلاك من يريد؛ وإبقاء من يريد؛ لرءوف ؛ أي: بليغ الرحمة لمن يتوسل إليه بنوع وسيلة؛ وكذا لمن قاطعه أتم مقاطعة؛ وإليه أشار بقوله (تعالى): [ ص: 172 ] رحيم ؛ أي: فتسبب عن إمهاله لهم في كفرهم؛ وطغيانهم؛ مع القدرة عليهم؛ العلم بأن تركه لمعاجلتهم ما هو إلا لرأفته؛ ورحمته.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية