الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة ويخلق ما لا تعلمون

                                                                                                                                                                                                                                      والخيل هو اسم جنس للفرس لا واحد له من لفظه، كالإبل. وهو عطف على الأنعام، أي: خلق الخيل والبغال والحمير لتركبوها تعليل بمعظم منافعها، وإلا فالانتفاع بها بالحمل أيضا مما لا ريب في تحققه، وزينة عطف على محل لتركبوها. وتجريده عن اللام لكونه فعلا لفاعل المعلل دون الأول، وتأخيره لكون الركوب أهم منه. أو مصدر لفعل محذوف، أي: وتتزينوا بها زينة. وقرئ: بغير واو، أي: خلقها زينة لتركبوها، ويجوز أن يكون مصدرا واقعا موقع الحال من فاعل تركبوها، أو مفعوله، أي: متزينين بها، أو متزينا بها ويخلق ما لا تعلمون أي: يخلق في الدنيا غير ما عدد من أصناف النعم فيكم ولكم ما لا تعلمون كنهه ، وكيفية خلقه، فالعدول إلى صيغة الاستقبال للدلالة على الاستمرار والتجدد، أو لاستحضار الصورة، أو يخلق لكم في الجنة غير ما ذكر من النعم الدنيوية ما لا تعلمون، أي: ما ليس من شأنكم أن تعلموه، وهو ما أشير إليه بقوله صلى الله عليه وسلم حكاية عن الله تعالى: " أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر ". ويجوز أن يكون هذا إخبارا بأنه سبحانه يخلق من الخلائق ما لا علم لنا به. دلالة على قدرته الباهرة الموجبة للتوحيد ، كنعمته الباطنة، والظاهرة. عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن عن يمين العرش نهرا من نور مثل السموات السبع، والأرضين السبع، والبحار السبعة. يدخل فيه جبريل عليه السلام كل سحر، فيغتسل. فيزداد نورا إلى نور، وجمالا إلى جمال، وعظما إلى عظم. ثم ينتفض، فيخلق الله تعالى من كل قطرة تقع من ريشه كذا وكذا ألف ملك، فيدخل منهم كل يوم سبعون ألف ملك البيت المعمور، وسبعون ألف ملك الكعبة، لا يعودون إليه إلى يوم القيامة.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية