الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      هو الذي أنزل من السماء ماء لكم منه شراب ومنه شجر فيه تسيمون

                                                                                                                                                                                                                                      هو الذي أنزل بقدرته القاهرة من السماء أي من السحاب، أو من جانب السماء ماء أي: نوعا منه، وهو المطر، وتأخره عن المجرور لما مر مرارا من أن المقصود هو الإخبار، بأنه أنزل من السماء شيئا هو الماء، لا أنه أنزله من السماء، والسر فيه ما سلف من أن عند تأخير ما حقه التقديم يبقى الذهن مترقبا له، مشتاقا إليه، فيتمكن لديه عند وروده عليه فضل تمكن. لكم منه شراب أي: ما تشربونه، وهو إما مرتفع بالظرف الأول. أو مبتدأ، و"هو" خبره. والجملة صفة لماء ، والظرف الثاني نصب على الحالية من شراب، و "من" تبعيضية، وليس في تقديمه إيهام حصر المشروب فيه حتى يفتقر إلى الاعتذار بأنه لا بأس به، لأن مياه العيون والآبار منه، لقوله تعالى: فسلكه ينابيع في الأرض وقوله تعالى: فأسكناه في الأرض . وقيل: الظرف الأول متعلق بأنزل، والثاني خبر لشراب. والجملة صفة لماء. وأنت خبير بأن ما فيه من توسيط المنصوب بين المجرورين، وتوسيط الثاني منهما بين الماء وصفته مما لا يليق بجزالة نظم التنزيل الجليل. ومنه شجر من ابتدائية: أي: ومنه يحصل شجر ترعاه المواشي، والمراد به: ما ينبت من الأرض سواء كان له ساق أو لا، أو تبعيضية مجازا، لأنه لما كان سقيه من الماء جعل كأنه منه، كقوله: أسنمة الآبال في ربابه، يعني به المطر الذي ينبت به الكلأ الذي تأكله الإبل، فتسمن أسنمتها. وفي حديث عكرمة : لا تأكلوا ثمن الشجر فإنه سحت ، يعني: الكلأ. فيه تسيمون ترعون من سامت الماشية، وأسامها صاحبها، وأصلها السومة، وهي العلامة. لأنها تؤثر بالرعي علامات في الأرض.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية