الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 266 ] 190 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من قوله : لكل عمل شرة

1236 - حدثنا أبو أمية قال : حدثنا سريج بن النعمان الجوهري قال : حدثنا هشيم قال : حدثنا حصين ، عن مجاهد ، عن عبد الله بن عمرو أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : إن لكل عمل شرة ، ولكل شرة فترة ؛ فإما إلى سنة ، وإما إلى بدعة ؛ فمن كانت فترته إلى سنتي فقد اهتدى ، ومن كانت فترته إلى غير ذلك فقد هلك .

1237 - حدثنا إبراهيم بن مرزوق قال : حدثنا وهب بن جرير قال : حدثنا شعبة ، عن حصين ، عن مجاهد ، عن عبد الله بن عمرو ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : لكل عمل شرة ، ولكل شرة فترة ؛ فمن كانت فترته إلى سنة فقد أفلح ، ومن كانت [ ص: 267 ] فترته إلى غير ذلك فقد هلك .

1238 - حدثنا إبراهيم بن أبي داود قال : حدثنا مسدد قال : حدثنا يحيى يعني : ابن سعيد ، عن سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد ، عن جعدة بن هبيرة قال : ذكر للنبي - صلى الله عليه وسلم - مولاة لبني عبد المطلب تصلي ولا تنام وتصوم ولا تفطر ، فقال : أنا أصلي وأنام ، وأصوم وأفطر . ولكل عمل شرة ، ولكل شرة فترة ؛ فمن كانت فترته إلى سنة فقد اهتدى ، ومن تكن إلى غير ذلك فقد ضل .

[ ص: 268 ]

1239 - حدثنا فهد بن سليمان قال : حدثنا علي بن معبد قال : حدثنا جرير بن عبد الحميد ، عن منصور ، عن مجاهد قال : دخلت أنا ويحيى بن جعدة على رجل من الأنصار من أصحاب الرسول - صلى الله عليه وسلم - فقال : ذكر عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مولاة لبني عبد المطلب ، ثم ذكر بقية هذا الحديث .

1240 - حدثنا روح بن الفرج قال : حدثنا يوسف بن عدي قال : حدثنا عبيدة بن حميد النحوي ، عن منصور ، عن مجاهد قال : دخلت أنا ويحيى بن جعدة على رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : قيل : يا رسول الله ، إن مولاة لموالي بني عبد المطلب ، ثم ذكر مثله . وزاد : ومن رغب عن سنتي فليس مني .

1241 - أخبرنا الربيع بن سليمان المرادي قال : حدثنا أسد بن موسى قال : حدثنا محمد بن خازم ، عن مسلم الأعور ، عن مجاهد ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إن لكل عمل شرة ، ثم تكون شرته إلى فترة ؛ فإن كانت فترته إلى سنتي فقد هدي ، ومن [ ص: 269 ] كانت فترته إلى غير ذلك فقد ضل . إني لأقوم وأنام ، وأصوم وأفطر ؛ فمن رغب عن سنتي فليس مني .

1242 - حدثنا بكار بن قتيبة قال : حدثنا صفوان بن عيسى قال : حدثنا محمد بن عجلان ، عن القعقاع بن حكيم ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : إن لكل عمل شرة ، وإن لكل شرة فترة ؛ فإن صاحبها سدد وقرب فارجوه ، وإن أشير إليه بالأصابع فلا تعدوه .

[ ص: 270 ] قال أبو جعفر : فطلبنا معنى هذه الشرة المذكورة في هذه الآثار ما هو . ؟

فوجدنا بكار بن قتيبة قد حدثنا قال : حدثنا إبراهيم بن بشار قال : حدثنا سفيان ، عن عمرو ، عن طاوس قال : ذكر الاجتهاد فقيل : تلك حدة الإسلام وشرته ، ولكل شرة فترة ؛ فمن كانت فترته إلى سنة فقد هدي ، ومن كانت فترته إلى بدعة أو ضلالة فقد ضل .

قال أبو جعفر : فوقفنا بذلك على أنها هي الحدة في الأمور التي يريدها المسلمون من أنفسهم في أعمالهم التي يتقربون بها إلى ربهم عز وجل ، وأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحب منهم فيها ما دون الحدة التي لا بد لهم من التقصير عنها والخروج منها إلى غيرها ، وأمرهم بالتمسك [ ص: 271 ] من الأعمال الصالحة بما قد يجوز دوامهم عليه ، ولزومهم إياه حتى يلقوا ربهم عز وجل عليه .

وروي عنه - صلى الله عليه وسلم - في كشف ذلك المعنى أنه أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل . وقد ذكرنا ذلك . وما قد روي في غير هذا الموضع مما قد تقدم منا في كتابنا هذا فغنينا بذلك عن إعادته ، والله نسأله التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية