الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 105 ] وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الله لغفور رحيم

                                                                                                                                                                                                                                      وإن تعدوا نعمة الله تذكير إجمالي لنعمه تعالى بعد تعداد طائفة منها، وكان الظاهر إيراده عقيبها تكملة لها على طريقة قوله تعالى: ويخلق ما لا تعلمون ولعل فصل ما بينهما بقوله تعالى: " أفمن يخلق كمن لا يخلق أفلا تذكرون " للمبادرة إلى إلزام الحجة، وإلقام الحجر إثر تفصيل ما فصل من الأفاعيل التي هي أدلة الوحدانية مع ما فيه من سر ستقف عليه، ودلالتها عليها، وإن لم تكن مقصورة على حيثية الخلق ضرورة ظهور دلالتها من حيثية الإنعام أيضا، لكنها حيث كانت مستتبعات الحيثية الأولى استغني عن التصريح بهائم بين حالها بطريق الإجمال، أي: إن تعدو نعمته الفائضة عليكم مما ذكر، وما لم يذكر حسبما يعرب عنه قوله تعالى: هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا لا تحصوها أي: لا تطيقوا حصرها، وضبط عددها ولو إجمالا. فضلا عن القيام بشكرها، وقد خرجنا عن عهدة تحقيقه في سورة إبراهيم بفضل الله سبحانه. إن الله لغفور حيث يستر ما فرط منكم من كفرانها، والإخلال بالقيام بحقوقها، ولا يعاجلكم بالعقوبة على ذلك، رحيم حيث يفيضها عليكم مع استحقاقكم للقطع، والحرمان بما تأتون وتذرون من أصناف الكفر التي من جملتها عدم الفرق بين الخالق وغيره، وكل من ذلك نعمة، وأيما نعمة فالجملة تعليل للحكم بعدم الإحصاء، وتقديم وصف المغفرة على نعت الرحمة لتقدم التخلية على التحلية.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية