الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 201 ] القول في تأويل قوله ( ومن البقر والغنم حرمنا عليهم شحومهما إلا ما حملت ظهورهما )

قال أبو جعفر : اختلف أهل التأويل في " الشحوم " التي أخبر الله تعالى ذكره : أنه حرمها على اليهود من البقر والغنم .

فقال بعضهم : هي شحوم الثروب خاصة .

ذكر من قال ذلك :

14103 - حدثنا بشر قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : ( ومن البقر والغنم حرمنا عليهم شحومهما ) ، الثروب . ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول : قاتل الله اليهود ، حرم الله عليهم الثروب ثم أكلوا أثمانها!

وقال آخرون : بل ذلك كان كل شحم لم يكن مختلطا بعظم ولا على عظم .

ذكر من قال ذلك :

14104 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثني حجاج قال : قال ابن جريج قوله : ( حرمنا عليهم شحومهما ) ، قال : إنما حرم عليهم الثرب ، وكل شحم كان كذلك ليس في عظم .

وقال آخرون : بل ذلك شحم الثرب والكلى .

ذكر من قال ذلك :

14105 - حدثني محمد بن الحسين قال : حدثنا أحمد بن مفضل قال : [ ص: 202 ] حدثنا أسباط ، عن السدي قوله : ( حرمنا عليهم شحومهما ) ، قال : الثرب وشحم الكليتين . وكانت اليهود تقول : إنما حرمه إسرائيل ، فنحن نحرمه .

14106 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله : ( حرمنا عليهم شحومهما ) ، قال : إنما حرم عليهم الثروب والكليتين هكذا هو في كتابي عن يونس ، وأنا أحسب أنه : " الكلى " .

قال أبو جعفر : والصواب في ذلك من القول أن يقال : إن الله أخبر أنه كان حرم على اليهود من البقر والغنم شحومهما ، إلا ما استثناه منها مما حملت ظهورهما أو الحوايا أو ما اختلط بعظم . فكل شحم سوى ما استثناه الله في كتابه من البقر والغنم ، فإنه كان محرما عليهم .

وبنحو ذلك من القول تظاهرت الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وذلك قوله : " قاتل الله اليهود ، حرمت عليهم الشحوم فجملوها ثم باعوها وأكلوا أثمانها " .

وأما قوله : ( إلا ما حملت ظهورهما ) ، فإنه يعني : إلا شحوم الجنب وما علق بالظهر ، فإنها لم تحرم عليهم .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

14107 - حدثني المثنى قال : حدثنا عبد الله بن صالح قال : حدثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس : ( إلا ما حملت ظهورهما ) ، يعني : ما علق بالظهر من الشحوم .

14108 - حدثني محمد بن الحسين قال : حدثنا أحمد بن مفضل قال : [ ص: 203 ] حدثنا أسباط ، عن السدي : أما " ما حملت ظهورهما " ، فالأليات .

14108 م - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا أبو أسامة ، عن إسماعيل ، عن أبي صالح قال : الألية ، مما حملت ظهورهما .

التالي السابق


الخدمات العلمية