الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ثم دخلت سنة أربع عشرة وأربعمائة

فمن الحوادث فيها :

أنه لما سار مشرف الدولة مصعدا إلى بغداد روسل الخليفة القادر في البروز لتلقيه فتلقاه من الزلاقة ولم يكن تلقي أحدا من الملوك قبله ، وخرج في يوم الاثنتين لليلتين بقيتا من المحرم ، فركب في الطيار وعليه السواد والبردة ، ومن جانبه الأيمن الأمير أبو جعفر ، ومن جانبه الأيسر الأمير أبو القاسم ، وبين يديه أبو الحسن علي بن عبد العزيز ، وحوالي القبة المرتضى أبو القاسم الموسوي ، وأبو الحسن الزينبي ، وقاضي القضاة ابن أبي الشوارب ، وفي الزبازب المسودة من العباسيين والقضاة والقراء والفقهاء ، فنزل مشرف الدولة في زبزبة ومعه خواصه ، وصعدوا إلى الطيار وقد طرح أنجره ، فوقف فقبل الأرض دفعة ثانية ، وسأله الخليفة عن خبره وعرفه استيحاشه لبعده وأنسه الآن بقربه ، والعسكر واقف بأسره في شاطئ دجلة ، والعامة في الجانبين ، والسماريات ، وقام مشرف الدولة فنزل في زبزبة وأصعد الطيار .

[غدر خليفة بن هراج الكلابي بالقافلة الواردة معه ]

وفي يوم الجمعة لثلاث بقين من شعبان : غدر خليفة بن هراج الكلابي بالقافلة الواردة معه ، وفي خفارته من مصر ، وعدل بها إلى حلته ، فأناخ جمالها ، وأخذ أحمالها وصرف أربابها على أسوأ حال ، وكانت تشتمل على نيف وأربعين حملا بزا وثلاثين ألف دينار مغربية ، وعرف الخبر قرواش فركب في رمضان من الأنبار ، وتوجه نحوه فهزم قرواش وتمزقت العرب بالمال . [ ص: 159 ]

وفي هذه السنة : ورد كتاب من يمين الدولة أبي القاسم محمود بن سبكتكين إلى القادر بالله يذكر له غزوة في بلاد الهند ، وأنه أوغل في بلادهم حتى جاء إلى قلعة عد فيها ستمائة صنم ، وقال : أتيت قلعة ليس لها في الدنيا نظير ، وما الظعن بقلعة تسع خمسمائة ألف إنسان ، وخمسمائة فيل ، وعشرين ألف دابة ، ويقوم لهذا العدد بما يكفيه من علوفة وطعام ، وأعان الله حتى طلبوا الأمان فآمنت ملكهم ، وأقررته على ولايته بخراج قرر عليه ، وأنفذ هدايا كثيرة وفيلة ، ومن الطرف الغريبة طائر على هيئة القمري ومن خاصته أنه إذا حضر على الخوان وكان في شيء مما قدم سم دمعت عينه ، وجرى منها ماء تحجر ، وحك ، فطلى بما يحك منه الجراحات ذوات الأفواه الواسعة ، فيحلمها فتقبلت هديته وانقلب العبد بنعمة من الله وفضله .

وفيها : وزر أبو القاسم المغربي لمؤيد الملك بعد الرخجي ، فقال رجل لكون الوزير كان مشغولا بالنحو :


ويل وعول وويه لدوله ابن بويه     سياسة الملك ليست
ما جاء عن سيبويه

[وفي هذه السنة ] : حج بالناس أبو الحسن محمد بن الحسن الأقساسي العلوي ، وعاد على طريق الشام لاضطراب الجادة .

التالي السابق


الخدمات العلمية