الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                    صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                    ( ألم نهلك الأولين ( 16 ) ثم نتبعهم الآخرين ( 17 ) كذلك نفعل بالمجرمين ( 18 ) ويل يومئذ للمكذبين ( 19 ) )

                                                                                                                                                                                                    ( ألم نخلقكم من ماء مهين ( 20 ) فجعلناه في قرار مكين ( 21 ) إلى قدر معلوم ( 22 ) فقدرنا فنعم القادرون ( 23 ) ويل يومئذ للمكذبين ( 24 ) ألم نجعل الأرض كفاتا ( 25 ) أحياء وأمواتا ( 26 ) وجعلنا فيها رواسي شامخات وأسقيناكم ماء فراتا ( 27 ) ويل يومئذ للمكذبين ( 28 ) )

                                                                                                                                                                                                    يقول تعالى : ( ألم نهلك الأولين ) ؟ يعني : من المكذبين للرسل المخالفين لما جاءوهم به ،

                                                                                                                                                                                                    ( ثم نتبعهم الآخرين ) أي : ممن أشبههم ; ولهذا قال : ( كذلك نفعل بالمجرمين ويل يومئذ للمكذبين ) قاله ابن جرير .

                                                                                                                                                                                                    ثم قال ممتنا على خلقه ومحتجا على الإعادة بالبداءة : ( ألم نخلقكم من ماء مهين ) ؟ أي : ضعيف حقير بالنسبة إلى قدرة البارئ عز وجل ، كما تقدم في سورة " يس " في حديث بسر بن جحاش : " ابن آدم ، أنى تعجزني وقد خلقتك من مثل هذه؟ " .

                                                                                                                                                                                                    [ ص: 299 ]

                                                                                                                                                                                                    ( فجعلناه في قرار مكين ) يعني : جمعناه في الرحم ، وهو قرار الماء من الرجل والمرأة ، والرحم معد لذلك ، حافظ لما أودع فيه من الماء .

                                                                                                                                                                                                    وقوله : ( إلى قدر معلوم ) يعني : إلى مدة معينة من ستة أشهر أو تسعة أشهر ; ولهذا قال : ( فقدرنا فنعم القادرون ويل يومئذ للمكذبين )

                                                                                                                                                                                                    ثم قال : ( ألم نجعل الأرض كفاتا أحياء وأمواتا ) قال ابن عباس : ( كفاتا ) كنا . وقال مجاهد : يكفت الميت فلا يرى منه شيء . وقال الشعبي : بطنها لأمواتكم ، وظهرها لأحيائكم . وكذا قال مجاهد وقتادة .

                                                                                                                                                                                                    ( وجعلنا فيها رواسي شامخات ) يعني : الجبال ، أرسى بها الأرض لئلا تميد وتضطرب .

                                                                                                                                                                                                    ( وأسقيناكم ماء فراتا ) عذبا زلالا من السحاب ، أو مما أنبعه الله من عيون الأرض .

                                                                                                                                                                                                    ( ويل يومئذ للمكذبين ) أي : ويل لمن تأمل هذه المخلوقات الدالة على عظمة خالقها ، ثم بعد هذا يستمر على تكذيبه وكفره .

                                                                                                                                                                                                    التالي السابق


                                                                                                                                                                                                    الخدمات العلمية