الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ثم دخلت سنة ست عشرة وأربعمائة

فمن الحوادث فيها :

[انبساط العيارين انبساطا أسرفوا فيه ]

أن العيارين انبسطوا انبساطا أسرفوا فيه ، وخرقوا هيبة السلطان ، وواصلوا العملات وأراقوا الدماء .

[وفاة الملك مشرف الدولة ]

وفي ربيع الآخر : توفي الملك مشرف الدولة ، ونهبت الخزائن ، واستقر الأمر على تولية جلال الدولة أبي طاهر فخطب له على المنابر وهو بالبصرة ، فخلع على شرف الملك ابن ماكولا وزيره ولقبه علم الدين سعد الدولة أمين الملة شرف الملك ، وهو أول من لقب بالألقاب الكثيرة ، ثم تأخر إصعاده لما عليه الأمور من الانتشار ، وأعلم بأن الملك يحتاج إلى المال وليس عنده فأظهر الجند الخوض في أمر الملك أبي كاليجار ، ثم تظاهروا بعقد الأمر له ، وانحدر الأصفهلارية إلى دار الخلافة ، وراسلوا الخليفة وعددوا ما عاملهم به جلال الدولة من إغفال أمرهم ، وإهمال تدبيرهم ، وإنهم قد عدلوا إلى أبي كاليجار ثم تظاهروا بعقد الأمر له إذ كان ولي عهد أبيه سلطان الدولة الذي استخلفه بهاء الدولة عليهم ، فتوقف الجواب ، ثم عادوا فقيل لهم : نحن مؤثرون لما تؤثرونه ، وخرج الأمر بإقامة الخطبة للملك أبي كاليجار ، وأقيمت له في يوم [ ص: 171 ] الجمعة سادس عشر شوال ، فكوتب جلال الدولة بذلك ، فأصعد من واسط .

وكان صاحب مصر قد أنفذ إلى يمين الدولة محمود بن سبكتكين خلعة مع أبي العباس أحمد بن محمد الرشيدي الملقب زين القضاة إلى الخليفة ، فجلس القادر بالله في يوم الخميس لتسع بقين من جمادى الآخرة لأبي العباس الرشيدي بعد أن جمع القضاة والشهود والفقهاء والأماثل وأحضر أبو العباس ما كان حمله صاحب مصر ، وأدى رسالة يمين الدولة بأنه الخادم المخلص الذي يرى الطاعة فرضا ويبرأ من كل ما يخالف الدولة العباسية ، فلما كان فيما بعد هذا اليوم أخرجت الثياب إلى باب النوبي ، وحفرت حفرة وطرح فيها الحطب ، ووضعت الثياب فوقه وضربت بالنار وأبو الحسن علي بن عبد العزيز والحجاب حاضرون ، والعوام ينظرون وسبك المركب ، فخرج وزن فضة أربعة آلاف وخمسمائة واثنتين وستين درهما ، فتصدق به على ضعفاء بني هاشم .

[زيادة أمر العيارين ]

وفي هذه السنة : زاد أمر العيارين وكبسوا دور الناس نهارا وفي الليل بالمشاعل والموكبيات ، وكانوا يدخلون على الرجل فيطالبونه بذخائره ويستخرجونها منه بالضرب كما يفعل المصادرون ، ولا يجد المستغيث مغيثا ، وقتلوا ظاهرا وانبسطوا على الأتراك ، وخرج أصحاب الشرط من البلد ، وقتل كثير من المتصلين بهم ، وعملت الأبواب ، وأوثقت على الدروب ، ولم يغن ذلك شيئا ، وأحرقت دار الشريف المرتضى على الصراة ، وقلع هو باقيها ، وانتقل إلى درب جميل وكان الأتراك قد أحرقوا طاق الحراني لفتنة جرت بينهم وبين العيارين والعامة ، وكان هذا الاختلاط من شهر رجب سنة خمس عشرة إلى آخر سنة ست عشرة .

[غلاء الأسعار ]

وغلت الأسعار ، وفي هذه السنة بيع الكر بثمانين دينارا ، فخرج خلق من أوطانهم .

[تأخر ورود الحاج الخراسانية ]

وتأخر في هذه السنة ورود الحاج الخراسانية ، فلم يحج أحد من خراسان ولا من العراق . [ ص: 172 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية