الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                                                                                          1873 - مسألة : ومن أراد أن يتزوج امرأة حرة أو أمة ، فله أن ينظر منها - متغفلا لها وغير متغفل - إلى ما بطن منها وظهر - ولا يجوز ذلك في أمة يريد شراءها .

                                                                                                                                                                                          ولا يجوز له أن ينظر منها إلا إلى الوجه والكفين فقط ، لكن يأمر امرأة تنظر إلى جميع جسمها وتخبره .

                                                                                                                                                                                          برهان ذلك - : قول الله عز وجل : { قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم } فافترض الله عز وجل غض البصر جملة ، كما افترض حفظ الفرج ، فهو عموم لا يجوز أن يخص منه إلا ما خصه نص صحيح ، وقد خص النص نظر من أراد الزواج فقط .

                                                                                                                                                                                          كما روينا من طريق أبي داود نا مسدد نا عبد الواحد بن زياد نا محمد بن إسحاق عن داود بن الحصين عن واقد بن عبد الرحمن - هو ابن سعد بن معاذ - عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { إذا خطب أحدكم المرأة فإن استطاع أن ينظر إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل قال جابر فخطبت امرأة من بني سلمة فكنت أتخبأ تحت الكرب حتى رأيت منها بعض ما دعاني إليها } .

                                                                                                                                                                                          وقد رويناه - أيضا - من طرق صحاح : من طريق أبي هريرة ، والمغيرة بن شعبة ، فكان هذا عموما مخرجا لهذه الحال من جملة ما حرم من غض البصر . [ ص: 162 ]

                                                                                                                                                                                          وأما النظر إلى الجارية يريد ابتياعها فلا نص في ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا حجة فيما جاء عن سواه .

                                                                                                                                                                                          وقد اختلف الناس في ذلك - : فصح عن ابن عمر إباحة النظر إلى ساقها وبطنها وظهرها ، ويضع يده على عجزها وصدرها - ونحو ذلك عن علي ، ولم يصح عنه .

                                                                                                                                                                                          وصح عن أبي موسى الأشعري إباحة النظر إلى ما فوق السرة ودون الركبة .

                                                                                                                                                                                          وروي عن سعيد بن المسيب .

                                                                                                                                                                                          وروينا عن الأسود بن يزيد : أنه لم يستجز النظر إلى ساقها .

                                                                                                                                                                                          قال أبو محمد : فبقي أمر الابتياع على وجوب غض البصر .

                                                                                                                                                                                          وأما الوجه والكفان : فقد جاء فيهما الخبر المشهور الذي أوردناه في غير هذا المكان من أمر { الخثعمية التي سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحج عن أبيها ؟ وأن الفضل بن العباس جعل ينظر إلى وجهها ، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يصرف وجه الفضل عنها ، ولم يأمرها بستر وجهها } ففي هذا إباحة النظر إلى وجه المرأة لغير اللذة .

                                                                                                                                                                                          وأما الكفان : فروينا من طريق مسلم نا عبد الله بن معاذ العنبري نا أبي نا شعبة عن عدي - هو ابن ثابت - عن سعيد بن جبير عن ابن عباس { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج يوم أضحى أو فطر ، فصلى ركعتين ثم أتى النساء - ومعه بلال - فأمرهن بالصدقة فجعلت المرأة تلقي خرصها وتلقي سخابها } .

                                                                                                                                                                                          ومن طريق أبي داود نا أحمد بن حنبل نا عبد الرزاق ، ومحمد بن بكر ، قالا جميعا : نا ابن جريج أخبرني عطاء قال : " سمعت جابر بن عبد الله يقول : { إن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج يوم الفطر فبدأ بالصلاة قبل الخطبة ، ثم خطب ثم نزل فأتى النساء فذكرهن وبلال باسط ثوبه يلقين فيه النساء صدقة ، تلقي المرأة فتخها } .

                                                                                                                                                                                          وقال أبو محمد : الفتخ خواتم كبار كن يحبسنها في أصابعهن ، فلولا ظهور أكفهن ما أمكنهن إلقاء الفتخ .

                                                                                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                                                                                          الخدمات العلمية