الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله ( وأوفوا الكيل والميزان بالقسط لا نكلف نفسا إلا وسعها )

قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره : " قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم أن لا تشركوا به شيئا " وأن أوفوا الكيل والميزان . يقول : لا تبخسوا الناس الكيل إذا كلتموهم ، والوزن إذا وزنتموهم ، ولكن أوفوهم حقوقهم . وإيفاؤهم ذلك ، إعطاؤهم حقوقهم تامة " بالقسط " ، يعني بالعدل ، كما : -

14155 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : ( بالقسط ) ، بالعدل .

وقد بينا معنى : " القسط " بشواهده فيما مضى ، وكرهنا إعادته . [ ص: 225 ]

وأما قوله : ( لا نكلف نفسا إلا وسعها ) ، فإنه يقول : لا نكلف نفسا ، من إيفاء الكيل والوزن ، إلا ما يسعها فيحل لها ولا تحرج فيه . وذلك أن الله جل ثناؤه ، علم من عباده أن كثيرا منهم تضيق نفسه عن أن تطيب لغيره بما لا يجب عليها له ، فأمر المعطي بإيفاء رب الحق حقه الذي هو له ، ولم يكلفه الزيادة ، لما في الزيادة عليه من ضيق نفسه بها . وأمر الذي له الحق ، بأخذ حقه ، ولم يكلفه الرضا بأقل منه ، لما في النقصان عنه من ضيق نفسه . فلم يكلف نفسا منهما إلا ما لا حرج فيه ولا ضيق ، فلذلك قال : ( لا نكلف نفسا إلا وسعها ) .

وقد استقصينا بيان ذلك بشواهده في موضع غير هذا الموضع ، بما أغنى عن إعادته .

التالي السابق


الخدمات العلمية