[ ص: 4337 ] قال الله تعالى:
nindex.php?page=treesubj&link=33679_34190_34261_28988nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=6ثم رددنا لكم الكرة عليهم وأمددناكم بأموال وبنين وجعلناكم أكثر نفيرا .
أكثر المفسرين على أن الخطاب لبني إسرائيل وعلى أن الكرة التي كروا بها على أعدائهم كانت في عهد
داود عليه السلام -، وأن السلطان آل إليهم وتوطد في عهد
سليمان عليه السلام -، كما قال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=36فسخرنا له الريح تجري بأمره رخاء حيث أصاب nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=37والشياطين كل بناء وغواص nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=38وآخرين مقرنين في الأصفاد nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=39هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=40وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب
وإن ذلك بلا ريب واضح ولكن مؤداه أن بني إسرائيل تمكنوا في الأرض من بعد انتصار
داود على
جالوت ولم يكن منهم فساد من بعد، مع أن النص القرآني أثبت أنهم أفسدوا مرتين فما هو الفساد الثاني؛ وإذا لم يكن فساد ثان، أو مرة ثانية فهل تكون الآية غير صادقة! معاذ الله، إنه كتاب لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.
ولذلك نذكر رأيا نميل إليه، وهو أن قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=6ثم رددنا لكم الكرة عليهم خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم ويكون في الكلام التفات من خطاب بني إسرائيل إلى خطاب
محمد وأصحابه، ورد الكرة للنبي صلى الله عليه وسلم معناه رد الدولة إليه صلى الله عليه وسلم -، وقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=6وأمددناكم بأموال وبنين وجعلناكم أكثر نفيرا والنفير من ينفر مع الرجل من جند وجيش، وقد كان مع
محمد وصحبه الأكرمين الأموال من غنائم الحروب والجند الكثيف، والبنون الذين جاءوا من ذرية المؤمنين.
وقد سوغ لنا أن نقول: في هذا القول أمور:
الأمر الأول: تحقيق الفساد من بني إسرائيل مرتين، وأنه لا يتحقق الفساد في المرة الثانية إلا بدخولهم المسجد كما دخلوه أول مرة، وأنهم ما أخرجوا منه في المرة الأخيرة إلا في عهد الرومان.
[ ص: 4338 ] الأمر الثاني: أن المرة الثانية هي التي دخلوا فيها المسجد مرة ثانية وخربوا ما علوا تخريبا وذلك ما أضافه المسلمون إلى المسجد.
الأمر الثالث: أنه لا يمكن أن يكون المخاطبون اليهود؛ لأنهم ما ساءت وجوههم بدخول المسجد بل ساء وجوه غيرهم، وهم الذين يعلمونهم ساسة المسلمين، وخصوصا ساسة
العرب، وبالأخص ساسة
مصر والأردن.
الأمر الرابع: قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=8عسى ربكم أن يرحمكم لا يمكن أن يكون لليهود إنما يكون للمسلمين لينشطوا من عقال وليرتفعوا بعد عزة، وليذهبوا المذلة.
[ ص: 4337 ] قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=treesubj&link=33679_34190_34261_28988nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=6ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا .
أَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ عَلَى أَنَّ الْخِطَابَ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ وَعَلَى أَنَّ الْكَرَّةَ الَّتِي كَرُّوا بِهَا عَلَى أَعْدَائِهِمْ كَانَتْ فِي عَهْدِ
دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وَأَنَّ السُّلْطَانَ آلَ إِلَيْهِمْ وَتَوَطَّدَ فِي عَهْدِ
سُلَيْمَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ -، كَمَا قَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=36فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=37وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=38وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الأَصْفَادِ nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=39هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=40وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ
وَإِنَّ ذَلِكَ بِلَا رَيْبٍ وَاضِحٌ وَلَكِنَّ مُؤَدَّاهُ أَنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ تَمَكَّنُوا فِي الْأَرْضِ مِنْ بَعْدِ انْتِصَارِ
دَاوُدَ عَلَى
جَالُوتَ وَلَمْ يَكُنْ مِنْهُمْ فَسَادٌ مِنْ بَعْدُ، مَعَ أَنَّ النَّصَّ الْقُرْآنِيَّ أَثْبَتَ أَنَّهُمْ أَفْسَدُوا مَرَّتَيْنِ فَمَا هُوَ الْفَسَادُ الثَّانِي؛ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ فَسَادٌ ثَانٍ، أَوْ مَرَّةٌ ثَانِيَةٌ فَهَلْ تَكُونُ الْآيَةُ غَيْرَ صَادِقَةٍ! مَعَاذَ اللَّهِ، إِنَّهُ كِتَابٌ لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ.
وَلِذَلِكَ نَذْكُرُ رَأْيًا نَمِيلُ إِلَيْهِ، وَهُوَ أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=6ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ خِطَابٌ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَكُونُ فِي الْكَلَامِ الْتِفَاتٌ مِنْ خِطَابِ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَى خِطَابِ
مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ، وَرَدُّ الْكَرَّةِ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعْنَاهُ رَدُّ الدَّوْلَةِ إِلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=6وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا وَالنَّفِيرُ مَنْ يَنْفِرُ مَعَ الرَّجُلِ مَنْ جُنْدٍ وَجَيْشٍ، وَقَدْ كَانَ مَعَ
مُحَمَّدٍ وَصَحْبِهِ الْأَكْرَمِينَ الْأَمْوَالُ مِنْ غَنَائِمِ الْحُرُوبِ وَالْجُنْدُ الْكَثِيفُ، وَالْبَنُونَ الَّذِينَ جَاءُوا مِنْ ذُرِّيَّةِ الْمُؤْمِنِينَ.
وَقَدْ سُوِّغَ لَنَا أَنْ نَقُولَ: فِي هَذَا الْقَوْلِ أُمُورٌ:
الْأَمْرُ الْأَوَّلُ: تَحْقِيقُ الْفَسَادِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مَرَّتَيْنِ، وَأَنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ الْفَسَادُ فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ إِلَّا بِدُخُولِهِمُ الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ، وَأَنَّهُمْ مَا أُخْرِجُوا مِنْهُ فِي الْمَرَّةِ الْأَخِيرَةِ إِلَّا فِي عَهْدِ الرُّومَانِ.
[ ص: 4338 ] الْأَمْرُ الثَّانِي: أَنَّ الْمَرَّةَ الثَّانِيَةَ هِيَ الَّتِي دَخَلُوا فِيهَا الْمَسْجِدَ مَرَّةً ثَانِيَةً وَخَرَّبُوا مَا عَلَوْا تَخْرِيبًا وَذَلِكَ مَا أَضَافَهُ الْمُسْلِمُونَ إِلَى الْمَسْجِدِ.
الْأَمْرُ الثَّالِثُ: أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْمُخَاطَبُونَ الْيَهُودَ؛ لِأَنَّهُمْ مَا سَاءَتْ وُجُوهُهُمْ بِدُخُولِ الْمَسْجِدِ بَلْ سَاءَ وُجُوهَ غَيْرِهِمْ، وَهُمُ الَّذِينَ يَعْلَمُونَهُمْ سَاسَةُ الْمُسْلِمِينَ، وَخُصُوصًا سَاسَةَ
الْعَرَبِ، وَبِالْأَخَصِّ سَاسَةَ
مِصْرَ وَالْأُرْدُنِّ.
الْأَمْرُ الرَّابِعُ: قَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=8عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ لِلْيَهُودِ إِنَّمَا يَكُونُ لِلْمُسْلِمِينَ لِيَنْشَطُوا مِنْ عِقَالٍ وَلِيَرْتَفِعُوا بَعْدَ عِزَّةً، وَلِيُذْهِبُوا الْمَذَلَّةَ.