الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                              السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

                                                                                                                              صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              2998 باب بيع البعير، واستثناء حملانه

                                                                                                                              وقال النووي مكان حملانه: (ركوبه ) .

                                                                                                                              ولفظ المنتقى: (باب اشتراط منفعة المبيع، وما في معناها ) .

                                                                                                                              حديث الباب

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم \ النووي ص31-33 ج11 المطبعة المصرية

                                                                                                                              [ عن جابر بن عبد الله، قال: غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتلاحق بي، وتحتي ناضح لي قد أعيا، ولا يكاد يسير. قال: فقال لي: "ما لبعيرك" قال: قلت: عليل. قال فتخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم، [ ص: 75 ] فزجره ودعا. له فما زال بين يدي الإبل قدامها يسير. قال: فقال لي: "كيف ترى بعيرك" قال: قلت: بخير، قد أصابته بركتك. قال: "أفتبيعنيه". فاستحييت. ولم يكن لنا ناضح غيره. قال: فقلت: نعم. فبعته إياه، على أن لي فقار ظهره، حتى أبلغ المدينة.

                                                                                                                              قال: فقلت له: يا رسول الله! إني عروس. فاستأذنته، فأذن لي. فتقدمت الناس إلى المدينة، حتى انتهيت. فلقيني خالي، فسألني عن البعير ؟ فأخبرته بما صنعت فيه، فلامني فيه.

                                                                                                                              قال: وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لي، حين استأذنته: "ما تزوجت ؟ أبكرا أم ثيبا ؟" فقلت له: تزوجت ثيبا. قال: "أفلا تزوجت بكرا تلاعبك وتلاعبها ؟" فقلت له: يا رسول الله! توفي والدي، (أو استشهد ) ولي أخوات صغار، فكرهت أن أتزوج إليهن مثلهن، فلا تؤدبهن ولا تقوم عليهن. فتزوجت ثيبا، لتقوم عليهن وتؤدبهن. قال: فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، غدوت إليه بالبعير، فأعطاني ثمنه، ورده علي
                                                                                                                              .]

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              (عن جابر بن عبد الله ) رضي الله عنهما: (قال: غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فتلاحق بي، وتحتي ناضح لي قد أعيا ) .

                                                                                                                              الإعياء: التعب، والعجز عن السير.

                                                                                                                              [ ص: 76 ] (ولا يكاد يسير. قال: فقال لي: "ما لبعيرك ؟" قال: قلت عليل. قال: فتخلف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فزجره ودعا له. فما زال بين يدي الإبل قدامها يسير. قال: فقال لي: "كيف ترى بعيرك ؟". قال: قلت: بخير، قد أصابته بركتك. قال: "أفتبيعنيه ؟" فاستحييت. ولم يكن لنا ناضح غيره. قال: فقلت: نعم. فبعته إياه، على أن لي "فقار ظهره" حتى أبلغ المدينة ) بفاء مفتوحة، ثم قاف. وهي خرزاته. أي: مفاصل عظامه. واحدتها: "فقارة".

                                                                                                                              (قال: فقلت له: يا رسول الله! إني عروس ) . هكذا يقال للرجل "عروس". كما يقال ذلك للمرأة. لفظها واحد، لكن يختلفان في الجمع، فيقال: رجل عروس، ورجال "عرس" بضم العين والراء. وامرأة عروس، ونسوة "عرائس".

                                                                                                                              (فاستأذنته، فأذن لي. فتقدمت الناس إلى المدينة، حتى انتهيت. فلقيني خالي، فسألني عن البعير ؟ فأخبرته بما صنعت فيه، فلامني فيه. قال: وقد كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال لي، حين استأذنته: "ما تزوجت ؟ أبكرا أم ثيبا ؟" فقلت له: تزوجت ثيبا. قال: "أفلا تزوجت بكرا، تلاعبك وتلاعبها ؟" ) .

                                                                                                                              سبق شرحه، في كتاب النكاح، وضبط لفظه، والخلاف في معناه، مع شرح ما يتعلق به.

                                                                                                                              [ ص: 77 ] (فقلت له: يا رسول الله! توفي والدي "أو استشهد"، ولي أخوات صغار، فكرهت أن أتزوج إليهن مثلهن، فلا تؤدبهن ولا تقوم عليهن. فتزوجت ثيبا، لتقوم عليهن وتؤدبهن. قال: فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المدينة، غدوت إليه بالبعير، فأعطاني ثمنه، ورده علي ) .

                                                                                                                              هذا الحديث: له ألفاظ، فيها اختلاف كثير. وفي بعضها طول، كما هنا.

                                                                                                                              وهو يدل على جواز البيع، مع استثناء الركوب. وبه قال الجمهور، والإمام أحمد.

                                                                                                                              وجوزه مالك، إذا كانت مسافة السفر قريبة. وحدها بثلاثة أيام.

                                                                                                                              وقال الشافعي، وأبو حنيفة، وآخرون: لا يجوز ذلك، سواء قلت المسافة أو كثرت. ولا ينعقد البيع. واحتجوا بحديث "النهي عن بيع وشرط". وحديث "النهي عن بيع الثنيا".

                                                                                                                              وأجابوا عن حديث الباب: بأنه قضية عين، تدخلها الاحتمالات.

                                                                                                                              ويجاب: بأن حديث النهي عن بيع وشرط، مع ما فيه من المقال: هو أعم من حديث الباب مطلقا. فيبني العام على الخاص.

                                                                                                                              [ ص: 78 ] وأما حديث النهي عن بيع الثنيا، فقد تقدم تقييده بقوله: " إلا أن يعلم". والله أعلم.

                                                                                                                              وللحديث فوائد؛ مبسوطة في مطولات شرح الحديث.




                                                                                                                              الخدمات العلمية