الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله ( فلا يكن في صدرك حرج منه )

قال أبو جعفر : يقول جل ثناؤه لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : فلا يضق صدرك ، يا محمد ، من الإنذار به من أرسلتك لإنذاره به ، وإبلاغه من أمرتك بإبلاغه إياه ، ولا تشك في أنه من عندي ، واصبر للمضي لأمر الله واتباع طاعته فيما كلفك وحملك من عبء أثقال النبوة ، كما صبر أولو العزم من الرسل ، فإن الله معك .

و " الحرج " ، هو الضيق ، في كلام العرب ، وقد بينا معنى ذلك بشواهده وأدلته في قوله : ( ضيقا حرجا ) [ سورة الأنعام : 125 ] ، بما أغنى عن إعادته .

وقال أهل التأويل في ذلك ما : -

14316 - حدثني به محمد بن سعد قال : حدثني أبي قال : حدثني عمي قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس في قوله : ( فلا يكن في صدرك حرج منه ) ، قال : لا تكن في شك منه . [ ص: 296 ]

14317 - حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قول الله : ( فلا يكن في صدرك حرج منه ) ، قال : شك .

14318 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .

14319 - حدثنا ابن عبد الأعلى قال : حدثنا محمد بن ثور قال : حدثنا معمر ، عن قتادة : ( فلا يكن في صدرك حرج منه ) ، شك منه .

14320 - حدثنا بشر بن معاذ قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، مثله .

14321 - حدثني محمد بن الحسين قال : حدثنا أحمد بن المفضل قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : ( فلا يكن في صدرك حرج منه ) ، قال : أما " الحرج " ، فشك .

14322 - حدثنا الحارث قال : حدثنا عبد العزيز قال : حدثنا أبو سعد المدني قال : سمعت مجاهدا في قوله : ( فلا يكن في صدرك حرج منه ) ، قال : شك من القرآن .

قال أبو جعفر : وهذا الذي ذكرته من التأويل عن أهل التأويل ، هو معنى ما قلنا في " الحرج " ؛ لأن الشك فيه لا يكون إلا من ضيق الصدر به ، وقلة الاتساع لتوجيهه وجهته التي هي وجهته الصحيحة . وإنما اخترنا العبارة عنه بمعنى " الضيق " ؛ لأن ذلك هو الغالب عليه من معناه في كلام العرب ، كما قد بيناه قبل .

التالي السابق


الخدمات العلمية