الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ثم دخلت سنة سبع وعشرين وأربعمائة

فمن الحوادث فيها:

أن العيارين كبسوا في المحرم دار بلور بك التركي بباب خراسان وأخذوا ما فيها .

ورد أبو محمد النسوي إلى باب البصرة لكشف العملة فأخذ هاشميا فقتله ، فثار أهل الموضع ورفعوا المصاحف على القصب ، ومضوا إلى دار الخلافة ، وجرى خطب طويل .

وكانت قنطرة الشوك قد سقطت على نهر عيسى فبقيت مدة ، فأمر الملك بعمارتها فتكامل عمارتها في المحرم ، وكان أبو الحسين بن القدوري يشارف الإنفاق عليها .

وفي صفر: تقدم الخليفة بترك التعامل بالدنانير المغربية وأمر الشهود أن لا يشهدوا في كتاب ابتياع ولا إجازة ولا مداينة يذكر فيها هذا الصنف ، فعدل الناس إلى القادرية والنيسابورية والقاشانية .

وفي ليلة الثلاثاء ثاني ربيع الآخر: دخل العيارون البلد في مائة رجل من الأكراد والأعراب والسواد فأحرقوا دار ابن النسوي ، وفتحوا خانا ، وأخذوا ما فيه ، وخرجوا إلى الطريق والكارات على رءوسهم .

وفي ربيع الآخر نقل أبو القاسم بن ماكولا الوزير بعد أن قبض عليه وسلم إلى المرتضى [ ص: 254 ] إلى دار المملكة فمرض ويئس منه ، فروسل الخليفة في معنى أخيه قاضي القضاة أبي عبد الله بن ماكولا ، وقيل: هو يعرف أمواله فدافع عنه الخليفة وحامى وكادت الحال من الأتراك تشرف على أحد حالين: إما تسليمه ، وإما خرق لا يتلافى فكتب إلى الخليفة في حقه ، فحرج في الجواب أنه لم يبق من أمرنا إلا هذا الناموس في حراسة من عندنا وهو لكم لا لنا ، وهذا القاضي لم يتصرف تصرفا سلطانيا يلزمه فيه تبعة ، ثم زاد الأمر في ذلك ورجع الخليفة ، فكتب إلى حاجب الحجاب رقعة قيل فيها قد زاد الأمر في إطراح مراقبتنا وإسقاط حشمتنا ، وصار الأولى أن نغلق بابنا وندبر أمرنا بما نحرس به جاهنا ، فأمسك عن المراجعة ثم إن الجند شغبوا على جلال الدولة ، وقالوا: إن البلد لا يحتملنا وإياك فاخرج من بيننا فإنه أولى لك ، فقال: كيف يمكنني الخروج على هذه الصورة أمهلوني ثلاثة أيام حتى آخذ حرمي وولدي وأمضي فقالوا لا نفعل ورموه بآجرة في صدره فتلقاها بيده وأخرى في كتفه فاستجاش الملك الحواشي والعوام ، وكان المرتضى والزينبي والماوردي عند الملك فاستشارهم في العبور إلى الكرخ كما فعل في المرة الأولى ، فقالوا: أليس الأمر كما كان وأحداث الموضع قد ذهبوا وحول الغلمان خيمهم إلى ما حول الدار إحاطة بها ، وبات الناس على أصعب خطة ، فخرج الملك نصف الليل إلى زقاق غامض ، فنزل إلى دجلة فقعد في سميرية فيها بعض حواشيه فغرقوها تقديرا أنه فيها ، ومضى الملك مستترا إلى دار المرتضى وبعث حرمه إلى دار الخليفة ونهب الجند دار المملكة وأبوابها وساجها ، ورتبوا فيها حفظة فكانت الحفظة تخربها نهارا وتنقل ما اجتمع من ذلك ليلا ، وراسل الجند الخليفة في قطع خطبة جلال الدولة فقيل لهم: سننظر ، ثم خرج الملك إلى أوانا ، ثم إلى كرخ سامرا ، ثم خرجوا إليه واعتذروا ، وصلحت الحال .

وفي جمادى الآخرة: وردت ظلمة طبقت البلد حتى لم يشاهد الرجل صاحبه الماشي بين يديه ، وأخذت بالأنفاس حتى لو تأخر انكشافها لهلك كثير من الناس . [ ص: 255 ]

وفي ضحوة نهار يوم السبت لثمان بقين من رجب: انقض كوكب غلب ضوؤه على ضوء الشمس ، وشوهد في آخره مثل التنين أزرق يضرب إلى السواد ، وبقي نحو ساعة .

التالي السابق


الخدمات العلمية