الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      فإذا مس الإنسان ضر دعانا ثم إذا خولناه نعمة منا قال إنما أوتيته على علم بل هي فتنة ولكن أكثرهم لا يعلمون . قد قالها الذين من قبلهم فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون . فأصابهم سيئات ما كسبوا والذين ظلموا من هؤلاء سيصيبهم سيئات ما كسبوا وما هم بمعجزين . أولم يعلموا أن الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: فإذا مس الإنسان ضر دعانا قال مقاتل: هو أبو حذيفة ابن المغيرة، وقد سبق في هذه السورة نظيرها [الزمر: 8] . وإنما كنى عن النعمة بقوله: أوتيته ، لأن المراد بالنعمة: الإنعام .

                                                                                                                                                                                                                                      على علم عندي، أي: على خير علمه الله عندي . وقيل: على علم من الله بأني له أهل، قال الله تعالى: بل هي يعني النعمة التي أنعم [الله] عليه بها فتنة أي: بلوى يبتلى بها العبد ليشكر أو يكفر، [ ص: 189 ] ولكن أكثرهم لا يعلمون أن ذلك استدراج لهم وامتحان . وقيل: "بل هي" أي: المقالة التي قالها "فتنة" .

                                                                                                                                                                                                                                      قد قالها يعني تلك الكلمة، وهي قوله: "إنما أوتيته على علم" الذين من قبلهم وفيهم قولان . أحدهما: أنهم الأمم الماضية، قاله السدي . والثاني: قارون، قاله مقاتل .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: فما أغنى عنهم أي: ما دفع عنهم العذاب ما كانوا يكسبون وفيه ثلاثة أقوال . أحدها: من الكفر . والثاني: من عبادة الأصنام . والثالث: من الأموال .

                                                                                                                                                                                                                                      فأصابهم سيئات ما كسبوا أي: جزاء سيئاتهم، وهو العذاب .

                                                                                                                                                                                                                                      ثم أوعد كفار مكة، فقال: والذين ظلموا من هؤلاء سيصيبهم سيئات ما كسبوا وما هم بمعجزين أي: إنهم لا يعجزون الله ولا يفوتونه .

                                                                                                                                                                                                                                      قال مقاتل: ثم وعظهم ليعلموا وحدانيته حين مطروا بعد سبع سنين، فقال: أولم يعلموا أن الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر إن في ذلك أي: في بسط الرزق وتقتيره لآيات لقوم يؤمنون .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية