الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ حنف ]

                                                          حنف : الحنف في القدمين : إقبال كل واحدة منهما على الأخرى بإبهامها ، وكذلك هو في الحافر في اليد والرجل ، وقيل : هو ميل كل واحدة من الإبهامين على صاحبتها حتى يرى شخص أصلها خارجا ، وقيل : هو انقلاب القدم حتى يصير بطنها ظهرها ، وقيل : ميل في صدر القدم ، وقد حنف حنفا ، ورجل أحنف وامرأة حنفاء ، وبه سمي الأحنف بن قيس ، واسمه صخر ، لحنف كان في رجله ، ورجل حنفاء . الجوهري : الأحنف هو الذي يمشي على ظهر قدمه من شقها الذي يلي خنصرها . يقال : ضربت فلانا على رجله فحنفتها ، وقدم حنفاء . والحنف : الاعوجاج في الرجل ، وهو أن تقبل إحدى إبهامي رجليه على الأخرى . وفي الحديث : أنه قال لرجل ارفع إزارك ، قال : إني أحنف . الحنف : إقبال القدم بأصابعها على القدم الأخرى . الأصمعي : الحنف أن تقبل إبهام الرجل اليمنى على أختها من اليسرى وأن تقبل الأخرى إليها إقبالا شديدا ; وأنشد لداية الأحنف وكانت ترقصه وهو طفل :


                                                          والله لولا حنف برجله ما كان في فتيانكم من مثله



                                                          ومن صلة هاهنا . أبو عمرو : الحنيف المائل من خير إلى شر أو من شر إلى خير ; قال ثعلب : ومنه أخذ الحنف ، والله أعلم . وحنف عن الشيء وتحنف : مال . والحنيف : المسلم الذي يتحنف عن الأديان أي يميل إلى الحق ، وقيل : هو الذي يستقبل قبلة البيت الحرام على ملة إبراهيم ، على نبينا وعليه الصلاة والسلام ، وقيل : هو المخلص ، وقيل : هو من أسلم في أمر الله فلم يلتو في شيء ، وقيل : كل من أسلم لأمر الله تعالى ولم يلتو ، فهو حنيف . أبو زيد : الحنيف المستقيم ; وأنشد :


                                                          تعلم أن سيهديكم إلينا طريق     لا يجور بكم ، حنيف



                                                          وقال أبو عبيدة في قوله ، عز وجل : قل بل ملة إبراهيم حنيفا قال : من كان على دين إبراهيم ، فهو حنيف عند العرب ، وكان عبدة الأوثان في الجاهلية يقولون : نحن حنفاء على دين إبراهيم ، فلما جاء الإسلام سموا المسلم حنيفا ، وقال الأخفش : الحنيف المسلم وكان في الجاهلية يقال من اختتن وحج البيت حنيف لأن العرب لم تتمسك في الجاهلية بشيء من دين إبراهيم غير الختان وحج البيت ، فكل من اختتن وحج قيل له حنيف ، فلما جاء الإسلام تمادت الحنيفية ، فالحنيف المسلم ; وقال الزجاج : نصب حنيفا في هذه الآية على الحال ، المعنى بل نتبع ملة إبراهيم في حال حنيفيته ، ومعنى الحنيفية في اللغة الميل ، والمعنى أن إبراهيم حنف إلى دين الله ودين الإسلام ، وإنما أخذ الحنف من قولهم رجل أحنف ورجل حنفاء ، وهو الذي تميل قدماه كل واحدة إلى أختها بأصابعها . الفراء : الحنيف من سنته الاختتان ، وروى الأزهري عن الضحاك في قوله ، عز وجل : حنفاء لله غير مشركين به قال : حجاجا ، وكذلك قال السدي . ويقال : تحنف فلان إلى الشيء تحنفا إذا مال إليه . وقال ابن عرفة في قوله ، عز وجل : بل ملة إبراهيم حنيفا قد قيل : إن الحنف الاستقامة وإنما قيل للمائل الرجل أحنف تفاؤلا بالاستقامة . قال أبو منصور : معنى الحنيفية في الإسلام الميل إليه والإقامة على عقده . والحنيف : الصحيح الميل إلى الإسلام والثابت عليه . الجوهري : الحنيف المسلم وقد سمي المستقيم بذلك كما سمي الغراب أعور . وتحنف الرجل أي عمل عمل الحنيفية ، ويقال اختتن ، ويقال اعتزل الأصنام وتعبد ; قال جران العود :


                                                          ولما رأين الصبح ، بادرن ضوءه     رسيم قطا البطحاء ، أو هن أقطف
                                                          وأدركن أعجازا من الليل     بعد ما أقام الصلاة العابد المتحنف



                                                          وقول أبي ذؤيب :


                                                          أقامت به ، كمقام الحني     ف ، شهري جمادى وشهري صفر



                                                          إنما أراد أنها أقامت بهذا المتربع إقامة المتحنف على هيكله مسرورا بعمله وتدينه لما يرجوه على ذلك من الثواب ، وجمعه حنفاء ، وقد حنف وتحنف . والدين الحنيف : الإسلام ، والحنيفية : ملة الإسلام . وفي الحديث : أحب الأديان إلى الله الحنيفية السمحة ، ويوصف به فيقال : ملة حنيفية . وقال ثعلب : الحنيفية الميل إلى الشيء . قال ابن سيده : وليس هذا بشيء . الزجاجي : الحنيف في الجاهلية من كان يحج البيت ويغتسل من الجنابة ويختتن ، فلما جاء الإسلام كان الحنيف المسلم ، وقيل له حنيف لعدوله عن الشرك ; قال : وأنشد أبو عبيد في باب نعوت الليالي في شدة الظلمة في الجزء الثاني :


                                                          فما شبه كعب غير أعتم فاجر أبى     مذ دجا الإسلام ، لا يتحنف



                                                          وفي الحديث : ( خلقت عبادي حنفاء ) أي طاهري الأعضاء من المعاصي ، لا أنهم خلقهم مسلمين كلهم لقوله تعالى : هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن وقيل : أراد أنه خلقهم حنفاء مؤمنين لما أخذ عليهم الميثاق ألست بربكم ، فلا يوجد أحد إلا وهو مقر بأن له ربا وإن أشرك به ، واختلفوا فيه . والحنفاء : جمع حنيف ، [ ص: 250 ] وهو المائل إلى الإسلام الثابت عليه . وفي الحديث : ( بعثت بالحنيفية السمحة السهلة ) . وبنو حنيفة : حي وهم قوم مسيلمة الكذاب ، وقيل : بنو حنيفة حي من ربيعة . وحنيفة : أبو حي من العرب ، وهو حنيفة بن لجيم بن صعب بن علي بن بكر بن وائل ; كذا ذكره الجوهري . وحسب حنيف أي حديث إسلامي لا قديم له ; وقال ابن حبناء التميمي :


                                                          وماذا غير أنك ذو سبال     تمسحها ، وذو حسب حنيف ؟



                                                          ابن الأعرابي : الحنفاء شجرة ، والحنفاء القوس ، والحنفاء الموسى ، والحنفاء السلحفاة ، والحنفاء الحرباءة ، والحنفاء الأمة المتلونة تكسل مرة وتنشط أخرى . والحنيفية : ضرب من السيوف منسوبة إلى أحنف لأنه أول من عملها ، وهو من المعدول الذي على غير قياس . قال الأزهري : السيوف الحنيفية تنسب إلى الأحنف بن قيس لأنه أول من أمر باتخاذها ، قال والقياس الأحنفي . الجوهري : والحنفاء اسم ماء لبني معاوية بن عامر بن ربيعة ، والحنفاء فرس حجر بن معاوية وهو أيضا فرس حذيفة بن بدر الفزاري . قال ابن بري : هي أخت داحس لأبيه من ولد العقال ، والغبراء خالة داحس وأخته لأبيه ، والله أعلم .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية