الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 2421 ) فصل : فمن فعل مما حرم عليه شيئا ، ففيه روايتان : إحداهما ، لا جزاء فيه . وهذا قول أكثر أهل العلم . وهو قول مالك ، والشافعي في الجديد ; لأنه موضع يجوز دخوله بغير إحرام ، فلم يجب فيه جزاء ، كصيد وج . والثانية ، يجب فيه الجزاء .

                                                                                                                                            وروي ذلك عن ابن أبي ذئب . وهو قول الشافعي في القديم ، وابن المنذر ; لأن [ ص: 172 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { إني أحرم المدينة ، مثلما حرم إبراهيم مكة } . ونهى أن يعضد شجرها ، ويؤخذ طيرها ، فوجب في هذا الحرم الجزاء ، كما وجب في ذلك ، إذ لم يظهر بينهما فرق ، وجزاؤه إباحة سلب القاتل لمن أخذه ; لما روى مسلم ، بإسناده عن عامر بن سعد ، أن سعدا ركب إلى قصره بالعقيق ، فوجد عبدا يقطع شجرا ، أو يخبطه ، فسلبه ، فلما رجع سعد جاء أهل العبد ، فكلموه أن يرد على غلامهم ، أو عليهم ، فقال : معاذ الله أن أرد شيئا نفلنيه رسول الله صلى الله عليه وسلم . وأبى أن يرد عليهم . وعن سعد ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { من أخذ أحدا يصيد فيه ، فليسلبه } رواه أبو داود . فعلى هذا يباح لمن وجد آخذ الصيد أو قاتله ، أو قاطع الشجر سلبه ، وهو أخذ ثيابه حتى سراويله . فإن كان على دابة لم يملك أخذها ; لأن الدابة ليست من السلب ، وإنما أخذها قاتل الكافر في الجهاد ; لأنه يستعان بها على الحرب ، بخلاف مسألتنا . وإن لم يسلبه أحد ، فلا شيء عليه ، سوى الاستغفار والتوبة .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية