الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
يا أبت إني قد جاءني من العلم ما لم يأتك فاتبعني أهدك صراطا سويا

إعادة ندائه بوصف الأبوة تأكيد لإحضار الذهن ولإمحاض النصيحة المستفاد من النداء الأول . قال في الكشاف : ثم ثنى بدعوته إلى الحق مترفقا به متلطفا ، فلم يسم أباه بالجهل المفرط ولا نفسه بالعلم الفائق ولكنه قال : إن معي طائفة من العلم ليست معك ، وذلك علم الدلالة على الطريق السوي ، فلا تستنكف ، وهب أني وإياك في مسير وعندي معرفة بالهداية دونك فاتبعني أنجك من أن تضل وتتيه اهـ . ذلك أن أباه كان يرى نفسه على علم عظيم لأنه كان كبير ديانة قومه . وأراد إبراهيم علم الوحي والنبوءة .

وتفريع أمره بأن يتبعه على الإخبار بما عنده من العلم دليل على أن أحقية العالم بأن يتبع مركوزة في غريزة العقول لم يزل [ ص: 116 ] البشر يتقصون مظان المعرفة والعلم لجلب ما ينفع واتقاء ما يضر ، قال تعالى فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون .

وفي قوله أهدك صراطا سويا استعارة مكنية ، شبه إبراهيم بهادي الطريق البصير بالثنايا ، وإثبات الصراط السوي قرينة التشبيه ، وهو أيضا استعارة مصرحة بأن شبه الاعتقاد الموصل إلى الحق والنجاة بالطريق المستقيم المبلغ إلى المقصود .

ويا أبت تقدم الكلام على نظيره قريبا .

التالي السابق


الخدمات العلمية