الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                صفحة جزء
                فصل وأما " العمليات " وما يسميه ناس : الفروع والشرع والفقه فهذا قد بينه الرسول أحسن بيان فما شيء مما أمر الله به أو نهى عنه أو حلله أو حرمه إلا بين ذلك وقد قال تعالى : { اليوم أكملت لكم دينكم } وقال تعالى : { ما كان حديثا يفترى ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل كل شيء وهدى ورحمة لقوم يؤمنون } وقال تعالى : { ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين } وقال تعالى : { كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه } وقال تعالى : { تالله لقد أرسلنا إلى أمم من قبلك فزين لهم الشيطان أعمالهم فهو وليهم اليوم ولهم عذاب أليم } { وما أنزلنا عليك الكتاب إلا لتبين لهم الذي اختلفوا فيه وهدى ورحمة لقوم يؤمنون } فقد بين سبحانه أنه ما أنزل عليه الكتاب إلا ليبين لهم الذي اختلفوا فيه كما بين أنه أنزل جنس الكتاب مع النبيين ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه .

                وقال تعالى : { وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله ذلكم الله ربي عليه توكلت وإليه أنيب } وقال تعالى : { وما كان الله ليضل قوما بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون } فقد بين للمسلمين جميع ما يتقونه كما قال : { وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه } وقال تعالى : { فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول } وهو الرد إلى كتاب الله أو إلى سنة الرسول بعد موته وقوله : { فإن تنازعتم } شرط والفعل نكرة في سياق الشرط فأي شيء تنازعوا فيه ردوه إلى الله والرسول ولو لم يكن بيان الله [ ص: 175 ] والرسول فاصلا للنزاع لم يؤمروا بالرد إليه .

                والرسول أنزل الله عليه الكتاب والحكمة كما ذكر ذلك في غير موضع وقد علم أمته الكتاب والحكمة كما قال : { ويعلمهم الكتاب والحكمة } وكان يذكر في بيته الكتاب والحكمة وأمر أزواج نبيه بذكر ذلك فقال : { واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة } فآيات الله هي القرآن إذ كان نفس القرآن يدل على أنه منزل من الله فهو علامة ودلالة على منزله و ( الحكمة قال غير واحد من السلف : هي السنة . وقال أيضا طائفة كمالك وغيره : هي معرفة الدين والعمل به . وقيل غير ذلك وكل ذلك حق فهي تتضمن التمييز بين المأمور والمحظور ; والحق والباطل ; وتعليم الحق دون الباطل وهذه السنة التي فرق بها بين الحق والباطل وبين الأعمال الحسنة من القبيحة ; والخير من الشر وقد جاء عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : { تركتكم على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك }

                . وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كلام نحو هذا وهذا كثير في الحديث والآثار يذكرونه في الكتب التي تذكر فيها هذه الآثار كما يذكر مثل ذلك غير واحد فيما يصفونه في السنة مثل ابن بطة واللالكائي والطلمنكي وقبلهم المصنفون في السنة كأصحاب [ ص: 176 ] أحمد مثل عبد الله والأثرم وحرب الكرماني وغيرهم ومثل الخلال وغيره .

                والمقصود هنا تحقيق ذلك وأن الكتاب والسنة وافيان بجميع أمور الدين .

                التالي السابق


                الخدمات العلمية