الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 2422 ) فصل : ويفارق حرم المدينة حرم مكة في شيئين : أحدهما ، أنه يجوز أن يؤخذ من شجر حرم المدينة ما تدعو الحاجة إليه ، للمساند والوسائد والرحل ، ومن حشيشها ما تدعو الحاجة إليه للعلف ; لما روى الإمام أحمد ، عن جابر بن عبد الله ، { أن النبي صلى الله عليه وسلم لما حرم المدينة ، قالوا : يا رسول الله ، إنا أصحاب عمل ، وأصحاب نضح ، وإنا لا نستطيع أرضا غير أرضنا ، فرخص لنا ، فقال : القائمتان ، والوسادة ، والعارضة ، والمسند ، فأما غير ذلك فلا يعضد ، ولا يخبط منها شيء } . قال إسماعيل بن أبي أويس ، قال خارجة : المسند مرود البكرة . فاستثنى ذلك ، وجعله مباحا ، كاستثناء الإذخر بمكة

                                                                                                                                            وعن علي ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { المدينة حرام ، ما بين عائر إلى ثور ، لا يختلى خلاها ، ولا ينفر صيدها ، ولا يصلح أن يقطع منها شجرة ، إلا أن يعلف رجل بعيره } وعن جابر ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { لا يخبط ولا يعضد حمى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن يهش هشا رفيقا } . رواهما أبو داود . ولأن المدينة يقرب منها شجر وزرع ، فلو منعنا من احتشاشها ، مع الحاجة ، أفضى إلى الضرر ، بخلاف مكة ، الثاني ، أن من صاد صيدا خارج المدينة ، ثم أدخله إليها ، لم يلزمه إرساله . نص عليه أحمد ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول : { يا أبا عمير ، ما فعل النغير ؟ } . وهو طائر صغير . فظاهر هذا أنه أباح إمساكه بالمدينة ، إذ لم ينكر ذلك ، وحرمة مكة أعظم من حرمة المدينة ، بدليل أنه لا يدخلها إلا محرم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية